رغم أن «مفاوضات الناقورة» لترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة توقّفت في الجولة الخامسة قبل نحو شهر، لم يسقُط هذا الملف من قائمة النقاشات الإسرائيلية. ولم يغلق العدو الإسرائيلي الباب على المفاوضات التي انسحب منها اعتراضاً على المطلب اللبناني باعتماد الخط 29 قاعدة لانطلاق التفاوض، رغم وصفها بأنها «حتى الآن غير جدية»، واعتبار الأمم المتحدة «غير جديرة بالثقة كوسيط».
هذه بعض النقاط التي سجّلها مسؤولون إسرائيليون، من بينهم رئيس الوفد الإسرائيلي إلى المفاوضات إيهود أديري، خلال ندوة نظّمها «معهد دراسات الأمن القومي» التابع لجامعة تل أبيب، وحضرها أعضاء من الوفد من بينهم المدير العام لدائرة القانون الدولي في وزارة الخارجية أميت هيمان ومدير دائرة المسح حاييم سربرو.
أديري اعتبر أن «المفاوضات مع لبنان لم تكُن جدية، والوفد اللبناني في الجولة ما قبل الأخيرة فاجأ إسرائيل بتقديمه خطاً جديداً للحدود البحرية يختلف عن ذاك الذي أودِع لدى الأمم المتحدة عام 2010، وهو العام نفسه الذي تقدّمت به إسرائيل بخرائطها، ما أدّى إلى خلق مساحة متنازع عليها تبلغ 860 كيلومتراً مربعاً». ولفت إلى أن «هذه المفاوضات ليست تطبيعاً بين البلدين كما سوّق البعض، وهدفها التوصل إلى تسوية ليستطيع كل طرف البدء بالتنقيب عن الغاز لأننا نرى في ذلك مصلحة للبلدين، ومصلحة أكبر للبنان بسبب الأزمات التي يعيشها»، لافتاً إلى أن الحقول الإسرائيلية مثل «تامار» و«ليفيتان» تعمل، وأن حقل «كاريش» الموجود على الحدود «سيبدأ الإنتاج العام المقبل بعدما استثمرت إسرائيل أكثر من 10 مليارات دولار لتطوير حقولها الغازية، ودخلت في علاقات تعاون مع مصر وقبرص»، بينما «لبنان حتى اليوم لم يبدأ بالحفر للاستكشاف».
مسؤولون إسرائيليون: المفاوضات مع لبنان ليست تطبيعاً ولا ثقة بوساطة الأمم المتحدة
وقال أديري إن «الموقف الإسرائيلي يستنِد إلى عدة نقاط، من بينها القانون الدولي، والوثائق التاريخية التي تحدد نقطة الانطلاق من اليابسة»، بينما الوفد اللبناني «تجاهل النقطة البحرية التي اتفق عليها مع قبرص عام 2007، والمرسوم الذي قدّمه للأمم المتحدة عام 2010، والوثائق التاريخية وجزيرة تخيليت، وهو ما يناقض كل مواقفهم السابقة».
ورداً على الخرائط اللبنانية، قدّم سربرو خريطة ادّعى بأنه «تمّ الاتفاق عليها بين فرنسا وبريطانيا في عهد الانتداب عام 1923، لوضع نقطة الحدود في منطقة رأس الناقورة»، وهي «النقطة التي يجِب الانطلاق منها لأي ترسيم يبدأ من اليابسة»، بحسب هيمان، وقد «كانت محل نقاش في السنوات الثلاث الماضية قبل بدء المفاوضات». وتطرّق هيمان إلى نقطة الجزر مشيراً إلى وجود «ثلاث جزر هي شاخاف وأرزيلي وتخيليت. وأهمية الأخيرة هي أنها قريبة جداً من الساحل ما يعطيها قيمة في موضوع الترسيم ويجب أن تُحتسب»، مستغرباً «اعتراف لبنان بالجزر في مفاوضات الترسيم مع قبرص وسوريا، ورفضه اعتماد المبدأ نفسه مع إسرائيل».
وكانت لافتة إشارة الباحث السفير المتقاعد عوديد آران إلى أن «إسرائيل لا تثق بالأمم المتحدة لذلك لطالما رفضت بأن تلعب دور الوسيط في المفاوضات، وطالبت منذ عام 2010 بأن تقوم الولايات المتحدة بهذا الدور، الأمر الذي وافقَ عليه لبنان في ما بعد». وعاد آران إلى اقتراح السفير الأميركي السابق فريديرك هوف «بإعطاء 60 في المئة من المساحة المتنازع عليها للبنان، و40 في المئة لإسرائيل. لبنان رفض هذا الاقتراح، علماً أن اللبنانيين هم من طالبوا بالوساطة الأميركية».