حكومة ميقاتي تقوم بدراسة الملف بتعمّق… والحلّ قد يكون بتطبيق «خط هوف معدّل»!!
يعود موضوع استئناف المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدوالإسرائيلي التي جرى تعليقها مرتين منذ انطلاقها في 14 تشرين الأول الماضي، الى الواجهة، لا سيما مع تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان. وما كانت تُطالَب به حكومة الرئيس حسّان دياب من ضرورة تعديل المرسوم 6433 المتعلّق بحدود لبنان البحرية، وإدراج الإحداثيات الجديدة التي وضعها الجيش اللبناني مستنداً الى التقرير البريطاني في هذا السياق وإيداعه لدى الأمم المتحدة لحفط حقوق لبنان في المنطقة الإقتصادية الخالصة، لم يحصل كون حكومته كانت مستقيلة وتصرّف الأعمال، ولا يمكنها عقد جلسات وزارية وإلا اتُهمت بخرق الدستور، على ما كان يتذرّع دياب، لكن يُمكن اليوم أن تُطالَب به حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، سيما وأنّها «حكومة معاً للإنقاذ»، وعليها إنقاذ لبنان من كلّ ما يتعرّض له من حصار واعتداءات أو استيلاء على جزء من حقوقه في ثروته النفطية البحرية.
أوساط ديبلوماسية متابعة لموضوع ترسيم الحدود، رأت بأنّ قرار الرئيس نجيب ميقاتي بدراسة الملف بتعمّق هو صائب، كذلك لا بدّ من انتظار رأي وزير الخارجية والمغتربين الجديد عبدالله بو حبيب، لا سيما بعد أن أجرى سلسلة مشاورات مع الوفد العسكري اللبناني المفاوِض، ومع السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا، وبعد اجتماعه مع رئيسي الجمهورية والحكومة.
وفيما يتعلّق بضرورة سحب القرار 6433 من الامانة العامّة في الأمم المتحدة من قبل حكومة ميقاتي، وتعديله وإعادته لها، أشارت الاوساط الى أنّها لا تدري إذا كان لا بدّ من إعادة صياغة المرسوم الصادر عام 2011، مع الوزراء الجدد، علماً بأنّه على المتخصّصين الدستوريين الإطلاع عليه واتخاذ القرار المناسب بشأنه. ولاحظت الاوساط بأنّ المطالبة بتعديل المرسوم من قبل بعض الجهات لحفظ حقوق لبنان كاملة في المنطقة البحرية، وإن كانت آحادية الجانب، بهدف أن تتوافق الإحداثيات الجديدة مع ما يُفاوض عليه الوفد العسكري اللبناني على طاولة المفاوضات، قد خفّت حدّة المطالبة بها مع الحكومة الجديدة، غير أنّ اعتماد الخط 29 كحدود المنطقة البحرية اللبنانية لا يزال المطلب الرئيسي بدلاً من الخط 23 المعتمد في المرسوم المذكور.
وماذا عن الموقف اللبناني الحالي من مسألة استئناف مفاوضات الترسيم البحري، أجابت الاوساط بأنّه علينا انتظار ما سيكون عليه موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية الأسبق جبران باسيل اللذين يُقال إنّهما يُفاوضان الأميركيين أملاً برفع العقوبات الأميركية المفروضة على باسيل، فيما يبقى رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على موقفه الأصلي الذي يُرضي الأميركيين بالمصادفة، ولا يزال حزب الله الى جانب برّي. في الوقت الذي يريد فيه الجيش اللبناني والوفد العسكري المفاوض والخبراء والأكاديميون رفع السقف لحصول لبنان، من وجهة نظرهم، على حقوقه البحرية كاملة،»علماً بأنّني شخصياً لست مع تخوين أي طرف من الأطراف»، على ما قال ميقاتي، «كون مصلحة لبنان وشعبه هي الأساس فيما يتعلّق بالثروة النفطية التي تتصارع عليها الدول الكبرى في العالم، أينما وُجدت».
وعن موعد استئناف المفاوضات غير المباشرة، أكّدت الأوساط نفسها بأنّه سيكون أقرب ممّا نتصوّر، سيما وأنّ الولايات المتحدة وكذلك العدو الإسرائيلي مستعجلان خصوصاً بعد دخول شركة «هاليبرتون» الأميركية على خط التنقيب في المنطقة الحدودية، وتوقيعها عقداً مع العدو للتنقيب عن النفط والغاز فيها. علماً بأنّ لبنان قدّم خطاباً للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي طالب فيه بوقف أعمال التنقيب في المنطقة المتنازع عليها مع «إسرائيل»، والتأكّد من أنّ هذه الأخيرة لا تقع في المنطقة المتنازع عليها.
وتقول الاوساط بأنّ شركة «هاليبرتون» أميركية لهذا عاد موضوع استئناف المفاوضات الى الواجهة فور توقيع العقد، فيما شركة «إنرجين» اليونانية التي يُفترض أنّها بدأت عملها بالقرب من البلوك 9 منذ أواخر حزيران الماضي، على ما كان يتمّ التحذير منه كمهلة نهائية لتوقيع المرسوم 6433، لم يتمّ الإعتراض على وصولها كون أحداً لم يهزّ ساكناً، هذا لأنّنا في لبنان، مع الأسف، على ما عقّبت الاوساط، نرقص على إيقاع الأنغام الغربية، فعندما يبدأ العزف نرقص، وعندما يتوقّف نتوقّف.
وعن الحلّ المتوقّع التوافق عليه خلال المفاوضات المنتظرة، تجد الأوساط عينها، بأنّه قد يكون ليس بتطبيق «خط هوف» الذي تتمسّك به الولايات المتحدة كوسيط فيها، والعدو الإسرائيلي كطرف ثانٍ مفاوض، والمرفوض من قبل لبنان أساساً منذ سنوات، والذي ينصّ على تقاسم المثلث البحري المتنازع عليه الذي تبلغ مساحته نحو 860 كلم2 وينصّ على إعطاء لبنان نحو 500 كلم2 منه و360 كلم2 للعدوالإسرائيلي، إنّما «خط هوف معدّل».. فحصول مثل هذا الأمر يوحي بأنّ الجميع قد ربح وأنّ الجميع قد تنازل.
وأوضحت الأوساط نفسها أنّه خلال المفاوضات الحدودية غالباً ما يتمّ رفع السقف من أجل الحصول على الحقوق الفعلية وعدم خسارة أي جزء منها، وفي حالة لبنان فإنّ الخط 29 هو للتفاوض بشأنه، ولا يُمكن اعتباره الخط النهائي للحدود اللبنانية في المنطقة البحرية من دون الكشف عمّا تضمّنه التقرير البريطاني، وعن المستندات القانونية التي من شأنها تدعيم وتثبيت موقف لبنان. من هنا، فإنّ عدم حصول لبنان على مساحة الـ 2290 كلم2 التي يعتبرها الوفد العسكري اللبناني منطقة النزاع «الجديدة» مع العدو الإسرائيلي، وفق الإحداثيات التي أوصى بها التقرير البريطاني، لا يُمكن اعتباره تنازلاً من قبل لبنان، عن جزء من ثروته النفطية،كما لا يُمكن تخوين أي من الأطراف المعنية بالتفاوض ما دام الهدف اكتساب أكبر مساحة ممكنة لصالح لبنان في المنطقة المتنازع عليها.
ولفتت الاوساط الى أنّ الخطأ الذي ارتكبه العسكريون هو احتفاظهم بأوراقهم مستترة الى حين استلامهم ملف الترسيم، وعندما استلموه أحرجوا السياسيين منه بمن فيهم برّي، وأضافت الاوساط أنّهم كانوا ينسّقون معا لرئيس عون وباسيل، ولكن بعد فرض العقوبات الأميركية على باسيل (ومنها ما له علاقة بموقف لبنان من الترسيم) تغيّر موقف باسيل والرئيس عون وسحبا الدعم من الوفد. كما لا يُمكن نسيان موقف الجيش من 17 تشرين، فيما التقرير البريطاني لا يزال مستوراً، وهو الخطأ الذي يُمكن تعميمه على الكثير من المعنيين بملف الترسيم لعدم نشره، كون لبنان استقدم الشركة البريطانية لوضعه ومن ثمّ لاستخدامه كونه يتضمّن حقائق مستندة الى القوانين الدولية.
أمّا المواجة الأمنية التي يُمكن أن تحدث بين الجيش أو المقاومة العدو الإسرائيلي في حال بدأت الشركة الأميركية عملها في التنقيب في منطقة النزاع، أي بالقرب من البلوك 9 الذي تشير التوقّعات الى أنّه يضمّ كميات هائلة من الغاز، فدائماً هي في الحسبان وواردة.