يتوقف متابعو الشأن الاسرائيلي عند عدم وجود تبنٍ رسمي إسرائيلي لموضوع الطائرتين المسيرتين حتى الساعة، ويضع هؤلاء كلام رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حول تحذيره لإيران و”حزب الله” في إطار “الكلام الاستهلاكي” و”الحرب النفسية”، خصوصاً في ظل عدم وجود خيارات مريحة أمامه. فلا هو قادر على منع الرد ولا على الذهاب نحو خيار المواجهة الواسعة، وعليه يبقى المطروح امتصاص رد “حزب الله” من دون الذهاب نحو أي تصعيد واسع.
فالإعلام الاسرائيلي بأغلبه يلتقي على أن “حزب الله” سيرد على الاعتداء الذي تعرّض له في منطقة معوّض، وأن كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بالنسبة إليه جاء ليقطع الشك باليقين بأن الردّ واقع لا محالة وهو سيكون مدروساً ضمن سياق محدد وفي إطار الخطوط التي حددها السيد نصرالله. على أن الهدف بالنسبة إلى تحليلات الإعلام الاسرائيلي قد يكون في منطقة الجليل ولن يقتصر هذه المرة على مزارع شبعا.
وباعتبار أن للسيد نصرالله مصداقية عالية لدى إسرائيل، بات السؤال الإسرائيلي يتمحور بعدما تحدث عن الرد حول نوعية الهدف وحجم الضرر الذي سيلحق بإسرائيل وحجم الإحراج الذي ستتعرض له في ضوء هذا الرد.
وإذا كان الهدف من النوع الذي يمكن أن تستوعبه إسرائيل فيمكن لها أن تمرره، وهنا يلاحظ المتخصصون بالشأن الاسرائيلي أنّ العديد من الكتابات في هذا المجال قد تُفهم على أنها نوع من إشارات إسرائيلية لـ”حزب الله” بأن تل أبيب يمكن أن تستوعب رداً على هذا المستوى. ولا يستبعد متابعو الشأن الإسرائيلي أن تسير الأمور في هذا الاتجاه بحيث أن “حزب الله” سيوجه ضربته في إطار المحافظة على قواعد الاشتباك مع القول لإسرائيل إنّ اختراق الساحة اللبنانية بأي عمل عسكري واستهداف عناصر “حزب الله” في سوريا هي خطوط حمر لن يتنازل عنها الحزب.
والمسألة الاضافية التي يتوقف عندها متابعو الشأن الاسرائيلي تتعلق بالطائرات المسيّرة، وهذه نقطة جديدة قد تدفع الإسرائيلي للندم على فعلته لأنه في حال أسقط “حزب الله” الطائرات المسيّرة فستكون إسرائيل عندها أمام معادلة جديدة قد يضطر معها الاسرائيلي إلى عدم التحرك في الأجواء اللبنانية بطائراته المسيّرة كما اعتاد، ما سيفقده عنصراً أساسياً على المستوى الاستخباراتي والمتابعة الدائمة لحركة “حزب الله” على الأراضي اللبنانية.
هذا فضلاً عن كون السياق العام لما حصل غير منفصل عن الصراع في المنطقة لناحية توسع إسرائيل لنطاق ضرباتها في أكثر من دولة وهي في هذا الاطار تحاول إجراء نوع من الاختبار في لبنان لترى إمكانية أن يكون استهدافه كغيره من الساحات.
الحرب مستبعدة
تستبعد تحليلات الصحافة الاسرائيلية إمكانية نشوب حرب طالما أنّ الرد سيكون محمولاً وتحت سقف معين. وهذه نقطة يفسرها المتابعون للشأن الاسرائيلي بأن خيار الحرب صعب على إسرائيل كما هو صعب على “حزب الله” وهو سيكون خياراً تدميرياً لأنّ الإسرائيلي يعلم أن الامكانيات العسكرية لـ”الحزب” ستكون متطورة عما كانت عليه في 2006 وبالتالي فإنّ خيار الحرب سيكون مكلفاً على إسرائيل، ولذا قد يكون الاستنتاج أنّ الطرفين غير مهيئين لخوض الحرب. وحسب صحيفة “يديعوت احرونوت”، تحاول إسرائيل الدخول الى رأس نصرالله من أجل الاستعداد للرد المتوقع. مختلف الجهات تعتقد أن الأمين العام لـ”حزب الله” الذي قارب الستين من عمره ليس كاذباً: إذا وعد بالرد فإن هذا الرد سيأتي بشكل مؤكد والسؤال متى سيكون هذا الرد وأين؟
ترى الصحيفة أنّ على إسرائيل الاستعداد لكل سيناريو حتى الذي لا يبدو أنه خطر على بال نصرالله وخطط له. بحسب الصحيفة “من المحظور أن ننسى دروس العام 2006 عندما نجح “حزب الله” بمفاجأة الجيش الإسرائيلي مرات عدة. الصحيح أن القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية تطورت لكن أمراً واحداً لم يتغير وهو أن نصرالله بقي خصماً ذكياً”.
“هآرتس”
تحسم صحيفة هآرتس أنّ “حزب الله” سيرد على الهجومين المنسوبين لإسرائيل في سوريا ولبنان. هذا هو التقدير الواضح لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الذي عُرض أمام المستوى السياسي والذي يجزم بأن نصرالله سينفذ ما وعد به. وترى أنّ التطورات ستكون مرتبطة إلى حد كبير بمستوى رد “حزب الله” .
“معاريف”
وفي تقدير نسبته صحيفة “معاريف” إلى مصدر أمني اسرائيلي، كتبت أن اسرائيل تتعامل بجدية مع تهديدات الأمين العام لـ”حزب الله” بأنه سيثأر قريباً على هجوم الطائرات المسيّرة في بيروت وأيضاً على الهجوم في سوريا. وتوقع المصدر أنّ الحزب سيحاول ضرب أهداف عسكرية في الجليل وعلى الرغم من ذلك فإن الهجوم سيكون مدروساً حتى لا يتمّ إشعال المنطقة. أما “إسرائيل اليوم” فرأت أنّ “حزب الله” سيبحث عن هدف لضربه في إسرائيل من أجل إذلالها لكن من دون حشرها في الزاوية تجنباً لرد يؤدي إلى حرب لا يريدها “حزب الله” الآن. وقالت: “من غير المستبعد أن يكون هدف نصرالله وضع حدود أمام إسرائيل في لبنان وردعها عن القيام بعمليات في المستقبل، ومن المشكوك فيه أن تقبل إسرائيل بذلك لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار عدم وجود حماسة لدى أحد في اسرائيل للقيام بحرب واسعة النطاق في الشمال”.