حفلة جسّ النبض التي حصلت يوم السبت الماضي بين اسرائيل من جهة وايران والنظام السوري من جهة ثانية، والتي انتجت اسقاط طائرة اسرائيلية واعطاب اخرى، وتدمير عدّة مواقع للصواريخ وتحصينات للجيش السوري وحلفائه الايرانيين، توقفت في اليوم ذاته، اما بفعل ضغوط دولية وبشكل خاص روسية واميركية، واما تلقائيا من الجانبين لاستخلاص العبر والنتائج من هذه الهمروجية التي تسمح لكل طرف بأن يقوّم ماذا يملك عدوّه من وسائل الهجوم والدفاع، واين اصاب واين فشل، ليبني على الشيء مقتضاه، قبل الدخول بمغامرة جديدة او «بجسّ نبض» جديد قد يدفع ثمنهما غاليا.
العالم تعوّد البيانات الاسرائيلية التي تعقب كل اعتداء على اي دولة عربية، والخسائر التي ألحقها الطيران الاسرائيلي الحربي بالمناطق المقصوفة، ان كان بالارواح او بالعتاد والسلاح والابنية، وكانت الطائرات العدوّة تعود الى قواعدها سالمة بعكس هذه المرة التي دمّرت فيها طائرة واعطيت اخرى، واصيب طياران بجروح، احدهما في حالة حرجة، ما يعني بالنسبة لاسرائيل ان هناك تغييرا استراتيجيا حصل في سوريا قد يكون عائدا لسلاح متطوّر، ايراني او روسي، لمجابهة الغارات الاسرائيلية، ووجود تعميم على استعماله، بمباركة روسية وايرانية، وهذا الواقع الجديد بحدّ ذاته يستدعي مراجعة اسرائيلية لاستراتيجيتها العسكرية المرسومة ضد سوريا وربما ضد لبنان، لمعرفة ما اذا كانت ايران قد زوّدت حزب الله بمثل هذه الصواريخ القادرة على اسقاط الطائرات الاميركية المتطورة التي تستعملها اسرائيل في شكل خاص، وهذه المراجعة قد يتم وضعها قيد التجربة في اعتداء اخر لجسّ النبض.
* * *
القناة العاشرة الاسرائيلية كشفت ان الجيش الاسرائيلي، يعزّز دفاعاته الجوية في مناطق عديدة وفي شكل خاص شمال اسرائيل، لحماية المستعمرات والمراكز المتاخمة للحدود مع لبنان، وهذا الاجراء على ما يبدو هو درس من الدروس التي استخلصتها اسرائيل بعد اسقاط طائرتها وكثافة الصواريخ التي اطلقت من الجانب السوري، والتي قدرها الجانب الاسرائيلي بخمسة وعشرين صاروخاً، اطلقت دفعة واحدة، ما يعني ان اسرائيل تتهيأ لعدوان جديد اوسع، يطول سوريا ولبنان، او انها تتوقع هجمات بطائرات مسيرة، قادرة على الحاق الاذى بمنشآت عسكرية او غير عسكرية، موجودة في مستعمراتها الشمالية.
* * *
المراقبون والمحللون السياسيون، لا يتوقعون اعتداء اسرائيلياً قريباً، وخصوصاً اثناء وجود وزير الخارجية الاميركية تيلرسون في المنطقة، والذي سيكون في لبنان منتصف هذا الشهر، للاطلاع على الوضع المتأزم ايضاً بين لبنان واسرائيل، على خلفية الخلاف على البلوك رقم 9، والجدار الاسمنتي، والاهم من الاثنين ما تثيره اسرائيل عن وجود مصانع ايرانية في لبنان لانتاج الصواريخ، ويحاول الوزير الاميركي ان يسوق نفسه كوسيط بين لبنان واسرائيل، لحل مشكلتي البلوك والجدار، ولا يعرف بعد ما اذا كان سيثير مع الحكومة اللبنانية موضوع الصواريخ الايرانية.
على اي حال، يمكن التأكيد ان الايام المقبلة حبلى بالاحداث التي يمكن ان تكون بالغة الخطورة، في حال فشلت الوساطة الاميركية في لبنان، وفي حال تجدد التوتر في سوريا، وتمدد الى الداخل اللبناني.