IMLebanon

إسرائيل للبنان: حذار الصواريخ المتطوِّرة والكيماوي

“الموقف هذا النهار” كان من أوائل مقالات “التحليل المعلوماتي” التي أشارت إلى أن الأخطار التي تواجه لبنان جراء الحرب الأهلية – المذهبية في سوريا لا تقتصر على اشتعال البقاع شرقاً وشمالاً، أو على اشتعال الشمال المجاور مباشرة للأراضي السورية، أو على اشتعال الداخل اللبناني مذهبياً جرّاء عودة موجة التفجيرات والاغتيالات رغم نجاح الأجهزة الأمنية المتنوعة من جهة و”حزب الله” من جهة ثانية في وقفها، متعاونين حيناً ومنفردين حيناً آخر. والخطر الذي حذّر منه تحديداً هو استعمال مجموعات من جبهة “النصرة” من القنيطرة السورية معبراً ترابياً للوصول إلى بلدة شبعا اللبنانية الجنوبية. ومن شأن ذلك إشعال الحرب مع الدروز من أبناء المنطقة، وخصوصاً بعد بروز “المسألة الدرزية” في سوريا أخيراً وعلى نحو مقلق بل مخيف. ومن شأنه أيضاً إشعال حرب مع “حزب الله” بل مع “شعبه” في الجنوب. وطبيعي أن يفتح ذلك جبهة قتال مذهبي إسلامي باعتبار ان الوجود السنّي في المنطقة المذكورة “حرزان” وكذلك جراء وجود مجتمعات فلسطينية “سنّية” طبعاً على أرضها. لكن ردّ الفعل اللبناني على تنوعه كان ميالاً إلى استبعاد الخطر المذكور وإلى اعتباره نظرياً، علماً أن البعض من الجهات اللبنانية اعترف بوجوده لكنه لم يعتبره داهماً. وعلماً أيضاً أن جهات ديبلوماسية غربية جدية في بيروت دعت إلى أخذه في الاعتبار وعدم إهماله. وقد أثرتُ في رحلتي السنوية الأميركية الأخيرة هذا الموضوع مع معظم الذين التقيتهم من داخل “الإدارة” وخارجها. فاعترف معظمهم بالخطر الذي حذّرت منه، لكنهم انقسموا فريقين. واحد اعتبره داهماً وآخر قلّل بعض الشيء من أهميته رابطاً إياه بإسرائيل وتحليلها لما يجري في سوريا ولانعكاساته على لبنان و”حزب الله” وتالياً على أمنها واستقرارها والوجود.

لماذا الكلام الآن على هذا الموضوع؟

لأن المعلومات الواردة أخيراً من واشنطن على العاصمة اللبنانية ومن جهات عليمة ومتابعة تفيد أن خطر “العبور” من القنيطرة إلى شبعا بالغ الجدية وقد يكون صار قريباً من التنفيذ. وتفيد أيضاً أن من يُعدّ له هو إسرائيل التي يعرف اللبنانيون من قرّاء “الموقف” ومن متابعي الإعلام الموضوعي على قلّته في البلاد أولاً علاقتها بـ”النصرة” في الجولان السوري “المحرّر” من زمان، وإن أعطتها الجهتان طابع الإغاثة والاستشفاء من جراح المعارك. ويعرفون ثانياً أن “العبور” مستحيل من دون موافقة إسرائيل. لكن ما لم تحدده المعلومات المشار إليها هو موعد هذا التطوُّر الخطير.

كيف ترى الدولة اللبنانية هذا الأمر؟

تفيد معلومات جهة رسمية جدية أن المسؤولين السياسيين والعسكريين لم يهملوا يوماً الأخطار المحتملة على لبنان من جنوبه حتى شماله مروراً بوسطه. وتفيد أيضاً أن السياسيين راجعوا الحكومات الدولية الفاعلة، وأن قائد الجيش العماد جان قهوجي أثار خطر “العبور” في اتجاه شبعا مع قيادة قوات الطوارئ الدولية وكذلك مع قيادات عسكرية أميركية. والجواب الذي حصل عليه، وقد يكون حصل عليه السياسيون أيضاً أن إسرائيل لن تقوم بخطوة ولن تشجّع على خطوة تفجر الوضع في الجنوب اللبناني بل في لبنان كله إلاّ في حالتين. الأولى حصول “حزب الله” على صواريخ متطوِّرة ونجاحه في إدخالها إلى الجنوب. والثانية حصول “حزب الله” على أسلحة كيماوية. طبعاً أراح الجواب لبنان الذي أراح إسرائيل بدورها وإن جزئياً لقلة إمكاناته وحيلته بقوله إنه يسعى إلى تلافي الحالتين المذكورتين.

مَن يجب أن يصدّق اللبنانيون؟

الحقيقة أن التناقض بين المعلومات المفصّلة أعلاه نظريّ. فكلها تؤكد الخطر ولا تعرف موعد تحوّله واقعاً على الأرض. ولذلك فإن التيقّظ اللبناني مستمر وعلى المستويات الرسمية وغير الرسمية. ويجب أن يستمر لأن العنف شبه المنتظم الذي بدأ اللبنانيون يرونه في المخيمات مقلق. فمخيم الرشيدية الهادئ أساساً والصغير جغرافياً وديموغرافياً بدأ يشهد توترات بين “أبنائه” المنتمين إلى فصائل مختلفة ومتناقضة. والاشتباكات داخل مخيم عين الحلوة الكائن في محيط صيدا، بل الذي صار جزءاً منها، تكاد أن تصبح يومية. والصراع على السيطرة عليه بين “الإسلاميين الجدد” والإسلاميين القدامى، إذا جاز التعبير، محتدم. فضلاً عن صراع الاثنين مع الفلسطينيين التقليديين. ويجب أن يستمر التيقُّظ لأن إسرائيل بدأت “تنقل” مجموعات “نصراوية” إلى القنيطرة أو تساعدها على الانتقال إليها.