IMLebanon

إسرائيل لقائد «اليونيفيل»: افرضوا سلطتكم!

   

غداة وصول القائد الجديد لـ«اليونيفيل» الإيطالي ستيفانو ديل كول، وعشية التجديد لقوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب لمدة ستة أشهر جديدة، بطريقة روتينية خلافاً لإرادة الأميركيين (ومن خلفهم تل أبيب)، يستمر التشويش الإسرائيلي على دور هذه القوات وواجبات قيادتها

علاقة إسرائيل بقوات الامم المتحدة المنتشرة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، علاقة وظيفية لتحقيق مصالح تل أبيب الأمنية. هذه هي النظرة الإسرائيلية للقوة الدولية، التي تعززت في أعقاب حرب عام 2006، مع صلاحيات جاءت أوسع مما كانت عليه في السابق، لكنها لا تصل، إلى الحد الأكثر اتساعاً، من ناحية عملية ممكنة، كما تريدها إسرائيل.

ومع أي استحقاق أو تغيير في القوة الدولية، إن لجهة تمديد انتدابها أو انتشارها أو عديدها أو تغيير في قياداتها، تقفز إلى الواجهة تصريحات وتقارير عبرية، تكرر التفسيرات الإسرائيلية لوظيفة «اليونيفيل» وحصرها في مواجهة حزب الله. وهو ما يتماهى بطبيعة الحال مع استراتيجية إسرائيل الدائمة في محاولة تعزيز الفرص وتحويل التهديدات إلى فرص، وإن من خلال قلب الحقائق وتحريفها، في أي استحقاق أو نتيجة تصل إليها، في نزالها الدائم ضد أعدائها، وفي المقدمة حزب الله.

وإن كان بالامكان المجادلة حول وظيفة «اليونيفيل» ودورها، من وجهة نظر متناقضة للطرفين، سواء كان الواقع يصب ويتوافق مع وجهة نظر دون أخرى، إلا أن القدر المتيقن هو أن القوة الدولية كما نصّ تفويضها الجديد مع التغير النسبي في صلاحياتها، هي كيان عسكري هجين في قوته وعديده وإمكاناته وأيضاً وظيفته، لكنه في توافق تام مع الظرف الذي تشكلت فيه القوة، في أعقاب فشل الجيش الإسرائيلي عام 2006 في مواجهة حزب الله.

لو كانت الحرب حققت نتائجها كما أرادتها إسرائيل، لكانت القوة مغايرة تماماً، في وظيفتها وصلاحياتها و”شراستها”، ولا تختلف عن شبيهات لها في مناطق مختلفة من المنطقة والعالم. إلا أن القوة كانت وما زالت انعكاساً لفشل الجيش الإسرائيلي وإخفاقه وهزيمته، بحسب المسميات واختلافها، وإن كانت تحمل في مركباتها، ككيان عسكري، فرصة وإمكاناً كبيرين جداً، لتحقيق المصالح الأمنية الإسرائيلية، في حال تغيرت الظروف والإمكانات.

على هذه الخلفية، وبمناسبة استحقاق التغيير في قيادة «اليونيفيل» وتولّي الجنرال الإيطالي ستيفانو ديل كول قيادة القوة، خلفاً للإيرلندي مايكل بيري، أعادت إسرائيل، وتحديداً المؤسسة الأمنية فيها، التشديد على تفسيرها لوظيفة «اليونيفيل»، وضرورة “تشديد الرقابة” على حزب الله في الجنوب اللبناني، مع الأمل بأن تكون القيادة الجديدة مغايرة للقيادة الماضية، في سلوكها وتدابيرها وإجراءاتها، في مواجهة أعداء إسرائيل، وتحديداً في القرى والمناطق المبنية، التي ابتعدت عنها القيادة السابقة لقوات «اليونيفيل».

رئيس أركان الجيش الاسرائيلي، غادي ايزنكوت، التقى الأسبوع الماضي ديل كول، في لقاء هو الأول بعد تولي الجنرال الإيطالي المنصب، وطالبه بضرورة فرض سلطة «اليونيفيل» على أنشطة حزب الله في جنوب لبنان. وبحسب الإعلام العبري (صحيفة إسرائيل اليوم)، تأمل إسرائيل من القائد الجديد أن يكون مغايراً في سلوكه وإجراءاته لمن سبقه في المنصب (الجنرال الإيرلندي مايكل بيري)، الذي كان “يرفض” ملاحقة حزب الله داخل القرى والبلدات والمناطق المبنية، في منطقة عمل وصلاحية القوة في الجنوب اللبناني. وتضيف الصحيفة أن “اليونيفيل لم تنجح ـــــ ومن المشكوك فيه أنها حاولت ـــــ في منع سيطرة حزب الله الكاملة على جنوب لبنان، وتحويل المنطقة إلى ساحة قتال مكتظة”.

 

لم تنجح «اليونيفيل» في منع سيطرة حزب الله الكاملة على جنوب لبنان

 

المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، عبر الصحيفة، أشادت بالضباط الايطاليين وأفعالهم السابقة في القوة الدولية، لتؤكد ضرورة التفاؤل بتولي الجنرال الايطالي، دي كول، قيادة «اليونيفيل»، إذ “يأملون في إسرائيل إحداث تغيير في أداء القوة الدولية بقيادة دي كول، ذلك أن القادة الايطاليين في السابق كانوا فاعلين وتبنّوا بشكل عام موقف إسرائيل، رغم أنهم امتنعوا عن مواجهة حزب الله خشية التسبب بخسائر في صفوفهم”.

رسالة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الثانية تتعلق بالجدار الاسمنتي الفاصل على الحدود، في التأكيد أن إسرائيل غير معنية بتصعيد مع لبنان، رغم إصرارها على بناء الجدار. وتشير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أيضاً عبر الصحيفة العبرية، إلى أن “الاختبار الأول للجنرال الإيطالي هو الخلاف الإسرائيلي اللبناني على الخط الحدودي، حيث الأشغال الهندسية لإقامة العائق على الحدود”، وتضيف أن “لبنان يزعم أن اجزاءً من الجدار تقام على أراضيه، فيما امتنع الجيش الإسرائيلي عن استكمال اشغاله، إلى أن يتم جلاء الأمر”. رسالة، تعدّ في ذاتها طلباً إسرائيلياً غير مباشر للتروّي ولبنانياً محلاً للتأمل والمتابعة، بعد قرار استئناف استكمال بناء الجدار، في التصاق تام مع الأرض اللبنانية على مسافة أكثر من عشرة كيلومترات على طول الحدود مع فلسطين المحتلة.