لا يفاجئنا ان يقف الأميركي متفرِّجاً على الفظائع الصهيونية المرتكَبة في غزة، اذ اننا نعرف ان واشنطن ليست تتفرج وحسب لأنها ضالعة في هذه الحرب العدوانية من الألف الى الياء: من التخطيط الى التنفيذ، ومن التسليح الى التمويل بالمليارات، ومن الدعم السياسي الى الاشتراك المباشر في غرفة العمليات العدوة، ومن خوض حرب اسرائيل اعلامياً الى خوضها ديبلوماسياً في مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة وكذلك في مختلف العواصم بما فيها عواصم الدول العربية.
في الموازاة لا يفاجئنا موقف الدول الأوروبية، وبالتحديد فرنسا وبريطانيا وألمانيا المنحازة كليا الى العدو الاسرائيلي منذ أول قذيفة سقطت في قطاع غزة وحتى اليوم، وقد هرول رؤساء اوروبيون الى فلسطين المحتلة يبدون ما يبدو انه خنوع أكثر منه تضامناً، ويتسابقون الى التقاط الصور مع السفّاح المأزوم بنيامين نتانياهو، الذي لم يرتوِ بعد من الولوغ في دماء أطفال غزة ونسائها وشيوخها… علماً ان الدول الأوروبية المشار اليها أعلاه أظهرت شعوبُها، من خلال التظاهرات الجماهيرية الهادرة والهائلة بأعداد المشاركين فيها، انها في وادٍ وحكّامها في وادٍ اخر… ولا بد هنا من التنويه ببعض الدول الأوروبية التي ندّدت بالجرائم الاسرائيلية، منذ اليوم الأول للحرب العدوانية على غزة.
فعلا، لا تفاجئنا تلك المواقف الأميركية والأوروبية، مهما كانت متصاعدة ومنحازة الى جانب المجرم المعتدي ضدّ أهل فلسطين اصحاب الحق الصراح والذين يتعرضون لأبشع جرائم الابادة. ولكننا نقول بالصوت العالي اننا نتألم للموقف العربي عموماً وان كان، هو أيضاً (ومن أسف شديد) لا يفاجئنا:
ثمة بعضٌ من دولٍ في أوروبا الغربية وأميركا اللاتينية سحب سفيره لدى الصهاينة واستدعى سفيره من لدنهم اعتراضاً على الأجرام غير المسبوق الممارَس على شعب غزة … فكم هو عدد الدول العربية التي قامت بعمل مماثل؟ كنا كتبنا، في «شروق وغروب» في مطلع العدوان، نقول للعرب: لا نطلب منكم طرد السفراء الصهيونيين من بلدانكم (مع ان طردهم أضعف الايمان) ولكن، على الأقل، استدعوا سفراءكم من فلسطين المحتلة. وأما الكلام على جامعة الدول العربية فهو من نوع «الضرب في الميت حرام»… وباختصار لا نستطيع ان نصدّق ان كل ما يقوم به العرب هو الجمود البليد، والتطلع الى دولة قطر التي تسعى جاهدة لتحقيق وقف اطلاق النار في غزة، بينما الآخرون في غفوة أهل الكهف …