بعد مرور 159 يوماً على عملية «طوفان الأقصى» يبدو أنّ إسرائيل وبالرغم من تدمير %80 من بيوت وأبراج ومساكن غزّة، وبعد قتل أكثر من 30 ألف مواطن فلسطيني غالبيتهم من الأطفال %30 والنساء %20 وكبار السن في الرجال والنساء.
وبعد كل هذه الخسائر على الصعيد الفلسطيني الى جانب الخسائر البشرية الاسرائيلية، إذ قتل من العدو أكثر من 8000 قتيل بين جندي وضابط، وخسائر في العتاد بلغت: 800 دبابة ميركاڤا و200 ناقلة جند وبعد الآلاف من الصواريخ وأطنان المتفجرات، كل هذا وإسرائيل لم تستطع أن تخطو خطوة فيها ولو انتصار صغير على «حماس» حتى الآن. فإسرائيل مصابة بخيبة أمل لأنها لم تعرف نوعية من تقاتل وخصوصاً بعد مجزرة دبابات الميركاڤا التي تصدّى لها مقاتلو «طوفان الأقصى» وتم اصطيادها كالعصافير، وكذلك فيديو Zero مسافة الذين انتشر في كل العالم وهو يظهر بطولات نادرة يحققها أبطال «طوفان الأقصى» ضد الجيش الاسرائيلي.
وبعد الفشل في القضاء على «حماس» وعلى مقاتلي «طوفان الأقصى» الذين هم فلسطينيون مؤمنون بقضيتهم، وهم حققوا في عملية «طوفان الأقصى» ما لم يحققه أي جيش عربي نظامي في التاريخ، وألحقوا بالعدو الاسرائيلي خسائر فادحة ما ذكّر بأنه عندما عبر الجيش المصري خط «بارليف» هددت أميركا مصر بأنها سوف تبيد الجيش المصري إذا تقدّم في سيناء بضربه بقنبلة ذرية.
وكذلك الحال عندما وصل الجيش السوري في حرب تشرين 1973 الى نهر الأردن، تم إقامة جسر جوّي من قِبَل أميركا لتغيّر ميزان القوى، فأجبر الجيش السوري على التراجع. والأسوأ ان الجيش الاسرائيلي حاول أن يلتف عن طريق درعا وسعسع للوصول الى العاصمة دمشق، ولكن الجيش العراقي وصل الى الجبهة وأوقف تقدّم الجيش الاسرائيلي. هذا ما حصل وهو معروف للجميع.
أما اليوم، فإنّ إسرائيل أمام حائط مسدود، وهذه هي المرّة الأولى التي تحارب فيها إسرائيل لأكثر من أيام، كما حصل في عام 1967، وكذلك في حرب 1973.
أما الحروب مع لبنان فلها قصّة أخرى. فأولى الحروب كانت عام 1978 يوم احتلت إسرائيل جزءاً من جنوب لبنان، وأقامت دولة سعد حداد التي حمت إسرائيل نسبياً من الهجمات الفلسطينية، لذلك انتظرت لغاية عام 1982 لتقدم على شن حرب ثانية على لبنان دامت 100 يوم، احتلت خلالها جنوب لبنان وصيدا حتى انها حاصرت بيروت واحتلتها، وكانت أوّل عاصمة عربية تحتلها إسرائيل، ولكنها وبعد أن طردت منظمة التحرير الفلسطينية وخروج القيادة الفلسطينية وعلى رأسها ياسر عرفات، ارتكبت مجزرة صبرا وشاتيلا وقامت بتنفيذها مع «القوات اللبنانية»، وكانت تلك المجزرة من أبشع المجازر في تاريخ لبنان بعد مجزرة تل الزعتر.
بعد الاحتلال، ولدت المقاومة في عام 1983، وبعد قتال عنيف وشبه يومي، وبعد العمليات التي قامت بها المقاومة أُجبرت إسرائيل على الانسحاب من لبنان لأوّل مرّة في التاريخ ومن دون شروط.
اليوم لم يتبقَ أمام إسرائيل إلاّ أن تخوض حربين: حرباً ضد غزّة، وما تفعله من قتل وتدمير لشعب غزّة وأبنية غزّة ومستشفياتها ومدارسها وجامعاتها وكل مبنى حضاري له تاريخ خصوصاً أنّ غزّة لها تاريخ مهم جداً.
من ناحية ثانية، شنّ حرباً على لبنان، ولكن بما ان كلفة الحرب على إسرائيل عالية جداً، ودفعت أثماناً باهضة في غزّة فقط، بقي على إسرائيل أن ترسل الصواريخ والمسيّرات لأنها خائفة من استعمال جيشها، فهي تهدّد لكنها تعرف مسبقاً أنّ ثمن أي احتلال سيكون غالياً جداً لا تستطيع إسرائيل أن تدفع أثمانه.