لا جديد تحت سقف التصعيد الذي تعيشه المنطقة على وقع استمرار الحرب، وترقب الرد الايراني والرد “الاسرائيلي” عليه، حيث تبقى السقوف العالية هي نفسها سواء داخليا او خارجيا، مع تمترس المعنيين خلف مواقفهم المعروفة، من الضاحية الجنوبية الى جبيل وما بينهما.
فبين الاستنفار “الاسرائيلي” على كافة المستويات، والاستعدادات الايرانية للرد المحتم على ضربة دمشق، تحركت قوى الممانعة، فخرج امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله باسمها ليفتتح المعركة سياسيا، محددا معايير العداء والتحالف، توازيا مع كلام “لصهر الرابية” اعاد فيه تأكيد بعض ما سمعه موفدو السيد من الجنرال قبل اسابيع، في صورة واضحة لمدى الانقسام الذي يعيشه لبنان هذه الايام، والذي في ظله لا يمكن تحقيق أي انتصار، بحسب رأي النائب البتروني.
وفي هذا الاطار، توقفت مصادر متابعة عند كلام الامين العام لحزب الله في يوم القدس، حمل الكثير من الرسائل للداخل والخارج، ولعل ابرزها كان لجمهور حزب الله تحديدا، حيث كان رده على سلسلة التساؤلات والهواجس التي تؤرق بيئته، ولعل ابرز تلك النقاط يمكن تلخيصها بالتالي:
– وصفه اعتداء دمشق بانه مفصلي في مسار المواجهة، التي صبغها بطابع ديني عقائدي، قد يكون من باب التخفيف من وطأة اطلاق النار “السني” على حماس بسبب قربها من طهران.
– اشارته الواضحة الى ان لا محادثات ولا مفاوضات ايرانية – اميركية مباشرة حول الملف النووي، لان طهران لا تأمن لواشنطن، وهو ما ينقض الكثير من المعلومات المسرّبة خلال الفترة عن مسؤولين دوليين بما فيهم ايرانيين، حول جولات جرت في اكثر من عاصمة عربية.
– تأكيده ان طهران لم ولن تفاوض حول اي من الملفات الاقليمية، ما يسقط عمليا كل النظريات حول اتصالات خارجية مع الجمهورية الاسلامية لتمرير الانتخابات الرئاسية في لبنان، وحتى الكلام عن ضغط على حارة حريك للتراجع الى منطقة شمال الليطاني.
– مهاجمته لدول الخليج المطبعة مع “تل ابيب”، وقد يكون بذلك قد رد بشكل غير مباشر على الانتقادات التي تناولت زيارة رئيس وحدة التنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا الى الامارات ، وما تركته من تساؤلات داخل البيئة الشيعية.
– ايحاؤه ان الرد الايراني لن يكون تقليديا، من خلال دعوته الى ضرورة اتخاذ كل التدابير والاجراءات والتحضير لمواجهة اي خطوة “اسرائيلية”، متحدثا عن وحدة الساحات من العراق الى بيروت، بعد موجة التشكيك بالموقفين السوري والعراقي.
– تأكيده ان حرب طوفان الاقصى قلبت كل المعادلات، حتى بين الاصدقاء والحلفاء،ما فسره البعض على انه رسالة واضحة الى “التيار الوطني الحر”، في ظل التمايز الكبير القائم بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك.
الرد البرتقالي لم يتأخر اذ جاء سريعا، وعلى درجة كبيرة من الاهمية والخطورة، اذ بيّن بما لا لبس فيه ان التوافق الذي كان قائما حول المواضيع الاستراتيجية قد سقط ، بعدما “فرط” التحالف حول المسائل الداخلية، مع تأكيد النائب جبران باسيل خلال افطار شيعي اقيم على شرفه في جبيل، بما تحمله من رمزية، على ضرورة وقف اطلاق النار على الجبهة الجنوبية، معتبرا انه واهم من يعتقد ان لبنان يمكنه هزم “اسرائيل” في الحرب الحالية، وفقا للمصادر، التي رأت ان ثمة تموضعات للقوى السياسية اللبنانية وخلط للتحالفات.
فهل يعني كل ما تقدم اننا امام تصعيد ميداني قد يؤدي الى تغيرات استراتيجية عميقة في المنطقة، والى تطور الامور سلبا على الساحة اللبنانية؟ ام ان “تل ابيب” هذه المرة قررت خوض حرب الحياة والموت بالتوجه لضرب طهران مباشرة، كما توعدت؟