أوّل مرّة في التاريخ تفشل إسرائيل بتوريط أميركا مع المقاومة ومحور المقاومة.
إذ انه ومنذ الأسبوع الأول بعد عملية أبطال «طوفان الأقصى» والتي تم فيها قتل 1200 يهودي من الجيش والأمن والمخابرات الإسرائيلية والأشخاص الذين كانوا يقضون ليلة حمراء، وتمّ خطف 250 رجلاً وامرأة من 23 جنسية مختلفة، كل هذا حصل خلال ساعتين فقط، من الساعة 6 صباحاً ولغاية الثامنة صباحاً.
بعد هذه العملية، كما قلنا، بدأت إسرائيل تخطّط لتوريط محور المقاومة مع أميركا.
وبالفعل، فإنّ الجيش الأميركي خلال أيام بعد عملية «طوفان الأقصى» أرسل حاملات الطائرات والتي تحمل 90 طائرة، وهذا الرقم يوازي ما تملكه دولة عربية نفطية.
إسرائيل استغلّت أميركا وحصلت على كميات كبيرة من مختلف الأسلحة. والأهم انها حصلت على أحدث طائرة في العالم من الجيل الخامس وهي (F/35) والعدد هو 124 مقاتلة حربية، كذلك لدى إسرائيل 400 طائرة (F/15) كلها مستحدثة.
الأهم أن إسرائيل كانت تحاول جرّ المقاومة اللبنانية الى معركة تتورّط فيه بضرب مدنيين. كذلك كان الهدف الثاني توسيع رقعة الحرب بقصفها عدة مرات أماكن قريبة من صيدا.
والأهم عملية اغتيال القائد الكبير في «الحزب» فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، ما يعني أنها أرادت أن تورّط المقاومة بالرد بقصف مدينة تلّ أبيب… لكن المقاومة كانت أذكى من أن تتورّط، لأنها كانت تعلم أنه لو وسّعت دائرة القتال ووصلت الى المدن وإلى المدنيين فإنّ أميركا ستدخل المعركة وستكون معركة كبرى غير متكافئة، إذ إن قوّة النار التي تملكها أميركا لا يستطيع أي جيش الوقوف أمامها. وهكذا فشلت إسرائيل في مخططها الجهنمي.
ولم تكتفِ إسرائيل بهذا الفشل بل ذهبت الى عملية اغتيال القائد الفلسطيني إسماعيل هنية، بينما كان في دار ضيافة في العاصمة الإيرانية طهران… لكن إيران بحكمةٍ وتروٍّ، لا تزال تدرس الردّ المرتقب، حتى لا تتوسّع دائرة الحرب فتحقق إسرائيل أهدافها لجر محور الممانعة والمقاومة الى حرب مع الولايات المتحدة.
وهنا، أذكّر بالردّ الايراني على قصف القنصلية الايرانية في دمشق… لقد كان الردّ مدروساً بحكمة أيضاً. وكانت العملية عملية عسكرية منظمة ومدروسة، إذ أرسلت إيران 300 طائرة من دون طيار وحددت الهدف وأعلمت كل العالم بالعملية، فكان هذا الرد أيضاً مدروساً بحيث لا تستفز إيران أميركا فتشن حرباً ضد إيران. وهذا إخفاق ثانٍ لإسرائيل.
لذلك، مع تقديرنا واحترامنا للرأي الآخر، لا بدّ من القول إنّ المقاومة هذه المرّة كانت «عاقلة» وتصرّفت بذكاء حادّ وأحبطت مؤامرة إسرائيل للتورّط بحرب مع أميركا.
ولا بدّ لنا أن نشير الى أن الأجواء منذ عملية «طوفان الأقصى» كانت تتوقع نشوب حرب كبيرة بين محور المقاومة وإيران ضد أميركا، وهذا لم يحصل لأنّ إيران والمقاومة أدركتا منذ اللحظة الأولى أنّ هناك مؤامرة فتصرفتا بعقل ودراية لا بسذاجة وتسرّع، وهذه قيمة مضافة يجب أن تسجّل لهما.
تبقى مسألة بديهية… فقد قال أبو الطيّب المتنبي: «الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أوّل وهي المحل الثاني».
من هنا أنتقل لأقول… لقد نجح يحيى السنوار، القائد الجديد لـ «حماس» بعد اغتيال الشهيد هنية، بصفقة رائعة، لأنه استعمل حكمته وحنكته وعلمه.. فقد أبرمت «كتائب عزّالدين القسّام» وبتوجيه من رئيس حركة حماس الجديد القائد يحيى السنوار صفقة تبادل في 20 آب 2024 بين الحركة والكيان الاسرائيلي… وتقضي الصفقة بأن تسلم «حماس» جثث ستة إسرائيليين مقابل إدخال 600 شاحنة محملة بالمواد الغذائية تخرج من الاراضي المحتلة عام 1948 وتدخل عبر معبر إيرز لقطاع غزة.
«كتائب القسّام» حققت هدفين اثنين هامين:
الأول: لقد تخلصت حركة حماس من الجثث، إذ إن كلفة الاحتفاظ بهذه الجثث باهظة ومكلفة، لأنها تحتاج الى ثلاجات للموتى، والثلاجات تحتاج الى الوقود.
الثاني: حققت «حماس» اختراقاً في إجبار الجيش الإسرائيلي على فتح معبر إيرز، ونقل البضائع. والمواد الغذائية مباشرة من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 الى شمال القطاع المحاصر وباقي مناطق القطاع.
وبالفعل، دخلت الشاحنات الـ600 وسط أناشيد وطنية قومية فلسطينية، منها: يا حبيب يا جنوب، الله أكبر، الله فوق كيد المعتدي، الله للمظلوم خير مؤيّد.