IMLebanon

أميركا وإسرائيل بين جنون العظمة وهذيان الاضطهاد

 

يجب أن لا يغيب عن بالنا أنه عقب التفكك السوفييتي، صرّح مسؤولون غربيون عام 1991 – 1992 بأن عدوّهم الأول بات العرب أما الذي حمل لواء تلك العداوة وما يزال يحملها هي الولايات المتحدة الأميركية بهدف سيطرتها على مقدّرات وثروات الدول العربية لتكون واشنطن في نهاية المطاف الحاكم الأوحد للعالم بمشاركة ربيبتها تل أبيب التي تشكّل موقعها المتقدم في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي على أنقاض نكبة فلسطين عام 1948. يعتبر الأميركيون أنفسهم بأنهم أول من تبنّى شعار العولمة. فرؤساء أميركا كافة صرّحوا بأن بلادهم وُجدت من أجل قيادة العالم عبر نظام عالمي يتلاءم مع ثقافتها وبالتالي الرؤية المنهجية للحياة. فالرئيس الأميركي توماس جيفرسون قال في خطاب له أنه موكل بمهمة عهدها لله إلى الشعب الأميركي وهذه المهمة تُدعى مهمة شعب لله المختار!! وفي العام 1945 قال الرئيس الأميركي ترومان أن النصر الذي حققته الولايات المتحدة الأميركية في الحرب العالمية الثانية وضع على عاتق الشعب الأميركي عبء مسؤولية قيادة العالم. وقال الرئيس الأميركي أيزنهاور في خطابه عام 1953 من أجل مواجهة تحديات عصرنا حمّل القدر بلدنا مسؤولية قيادة العالم الحرّ!!

وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية، قال الرئيس الأميركي روزفلت، الآن يجب أمركة العالم!! وفي العام 1961 رأى الرئيس جون كينيدي أن الهدف من وجود الولايات المتحدة الأميركية هو قيادة العالم كله!! وأكّد الرئيس جونسون عام 1965 على ان التاريخ وإنجازاتنا يحتّمان علينا مسؤولية الدفاع عن الحرية في العالم!! لكن ما فات السياسة الأميركية أن واشنطن تدعم الإبادات الجماعية الإسرائيلية للشعبين الفلسطيني واللبناني بأسلحة أميركية معظمها محرّم دوليّاً. وقال الرئيس رونالد ريغن عام 1981، بأن الولايات المتحدة الأميركية هي الحارس الوحيد للحرية في العالم!! يا للهول لقد رأينا أساليب تلك الحراسة في فيتنام وأفغانستان والعراق وليبيا وفلسطين المحتلة ولبنان وبنما حيث كان اغتيال الرئيس عمر توريخوس والرئيس االإكوادوري أوسكار رولدوس عام 1980 جرّاء تأميمها لقناة بنما، والعمل بحد ذاته كان مرفوضاً أميركيّاً بالشكل والمضمون، وقد رأينا ما اقترفته الأيادي الأميركية بحق رئيس جمهورية السان سلفادور الأب أوسكار روميرو عام 1981 جرّاء تأييده للاشتراكية، ومن ثم اغتيال الرئيس سلفادور الليندي رئيس التشيلي عام 1984. لقد باتت الاغتيالات الأميركية وجهة نظر كالتي تقرأها في صحيفة. ومن أشكال العولمة نجد العولمة السياسية وهي تتمثل بالسيطرة الأحادية القطب على دول المستديرة جمعاء بما فيها الدول العربية، لأن التدخّل الأميركي في الأمور الداخلية والخارجية لهذه الدول يصبّ في مصلحة الكيان الصهيوني. أما العولمة العسكرية فتحقيقها يحرمها من تذوّق طعم النجاح، إلّا في حال تمكّنت واشنطن من فرض هيمنتها العسكرية على كلّ دولة تكون معادية للكيان الصهيوني أو السيطرة عليها من خلال التبعيّة العسكرية المتمثلة بإرسال الخبراء العسكريين أو ببيع أسلحتها لأي دولة تكون تحت إمرتها السياسية والعسكرية، وبذلك تستطيع أميركا السيطرة على الدول العربية. أما من الناحية الاقتصادية فيُعرّف صندوق النقد الدولي العولمة بانها التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتمه ازدياد حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود مع العلم بأن Websters عرّف العولمة باكتساب الشيء طابع العالمية وبخاصة جعل نطاق الشيء عالمياً. لقد سبق لبن غوريون أن قال أي طائفة أو جماعة تعادي القومية العربية، أو أي مشروع وحدوي وتبدي استعدادها لمحاربته ومقاومته، هي في حقيقة الأمر حليف يمكن استغلاله في تنفيذ السياسات الصهيونية من استيطان وتهويد واقتلاع وتوسّع هيمنة.

 

وما يفسر الوحشية التي تصرف ويتصرف بها نتنياهو إزاء فلسطين هو موقفه القائل منذ سنوات بأن العرب أوجدوا هوية فلسطينية جديدة، فاليهود لم يسلبوا العرب أرضهم، إنما العرب هم الذين سلبوا أرض اليهود، ويّذكر أن والد نتنياهو تسيون نتنياهو قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة «معاريف» العبرية بتاريخ 3 نيسان 2009، ليس هنالك شعبان بل يوجد شعب يهودي وسكّان عرب، ليس هناك من شعب فلسطيني، لذلك لا يجوز إقامة دولة لأمة متخيّلة. لقد كتب يوسف فايتس، مسؤول الصندوق القومي اليهودي، سنة 1940 قائلاً لا يوجد متسعاً لكلا الشعبين في هذه البلاد، ولا توجد طريقة أخرى سوى طرد العرب إلى البلدان المجاورة وذلك بشكلٍ جماعي دون الإبقاء على قرية واحدة أو قبيلة واحدة. لقد توافق إسحاق رابين مع ايهود أولمرت أثناء شغله منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة سنة 2003 على ان غمامة الديمغرافيا تخيّم على كل شيء وسوف تهبط ليس في المستقبل البعيد إنما بعد سنوات محدودة. أن الصهيونية تخيف الرأي العام اليهودي والكاثوليكي والإنجيلي بموضوع الديمغرافيا، بدلا من الجلوس على طاولة حوار يستطيع من خلالها علماء نفس واجتماع ونقاد وكتّاب ومشاهير دعاة السلام من إزالة رهاب الإسلام من نفوس المتوجسين من الإسلام. وهم عينهم الذين توجسوا سابقاً من الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو وجمعية انصار السلم!! لقد صرّح تسفي يهود كوك الأب الروحي للصهيونية الدينيّة قائلاً «كل هذه الأرض لنا تماماً تخصّنا جميعاً، ولا نقبل التحويل إلى الآخرين حتى جزئياً، لا يوجد هنا مناطق وأراضي عربية بل أراضي إسرائيل، الميراث الأبدي لأجدادنا الذي جاء إليه العرب وبنوا عليه دون إذن منا وفي غيابنا. من هنا لا خلاص من الاستعباد وسلاسله إلّا بالمقاومة وحدها المولودة من رحم الظلم والجور».