تكتسب التطورات الأمنية على الساحة الجنوبية طابعاً خطراً كون ما سُجل من اعتداءات وغارات وقصف «إسرائيلي» على قرى الجنوب، يحمل مؤشرات على احتمال حصول تغيير في قواعد الإشتباك على الجبهة الجنوبية، في ظل الإعلان عن «تهديدات اسرائيلية» بتوسيع رقعة التصعيد وذلك للمرة الأولى منذ سنوات، والذي قد يكون المفتاح لجولات مقبلة من التصعيد. وفي الوقت الذي تقدم فيه لبنان بشكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن عدوان «إسرائيل»يومي الأربعاء والخميس الماضيين، أكدت أوساط ديبلوماسية وجود توجه لاحتواء جولة التصعيد الأخيرة وإن كانت «التهديدات الإسرائيلية» لا تزال تصدر عن قيادات سياسية وعسكرية، وتُنذر بتجدد الاعتداءات في المرحلة المقبلة. وأضافت هذه الأوساط أن ما من قرار بإشعال الجبهة الجنوبية، وذلك بصرف النظر عن الصواريخ «المجهولة» التي أطلقت من الأراضي اللبنانية بعد ظهر يوم الثلاثاء الماضي.
وتحدثت الأوساط الديبلوماسية عن دور للأمم المتحدة ولقيادة «اليونيفيل» في الجنوب في تعزيز احتمال الدفع نحو «الإحتواء» من قبل كل الأطراف للتصعيد الصاروخي الأخير، مشيرة الى أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أن الانتهاكات والإعتداءات الإسرائيلية لن تتجدد، وإن كانت ستبقى محصورة في الزمان والمكان، نتيجة غياب المناخ الداعم «لإسرائيل» على المستوى الدولي لتوجيه ضربات والاعتداء على الأراضي اللبنانية في لحظة داخلية بالغة الحساسية على كل المستويات. وبالتالي فإن الأوساط نفسها، اعتبرت أن الانتهاك الخطر لقرار مجلس الأمن 1701 من خلال استهداف قرى جنوبية، يشكل اليوم تهديداً للأمن والاستقرار في الجنوب ويُمهّد لتنفيذ «خطة إسرائيلية» لتغيير قواعد الاشتباك في المنطقة تحت عنوان «وضع حد لإطلاق الصواريخ»، مع العلم أن القرى المُستهدفة هي بعيدة عن المنطقة التي أُطلقت منها الصواريخ المشبوهة من حيث الهدف كما من حيث التوقيت، كما أن ما من جهة في لبنان قد تبنّتها أو أعلنت مسؤوليتها عنها فيما قوات الطوارىء الدولية العاملة في الجنوب تقوم بالتحقيق في عملية إطلاق الصواريخ وسترفع تقريرها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن في الايام المقبلة.
ولذا فإن الأوساط الديبلوماسية نفسها تتوقع استمرار الهدوء الحذر والترقب، وإن كانت الساعات الماضية قد شهدت جولةً من الاتصالات على مستويات دولية وإقليمية، لتطويق أي تصعيد مرتقب، خصوصاً في ظل تداول معلومات إعلامية عن «قرار إسرائيلي» بتحريك «مضبوط» للجبهة الجنوبية، من أجل الضغط وتوجيه الرسائل الإقليمية، وفي الوقت نفسه توظيف الواقع اللبناني الداخلي المأزوم وانشغال كل القوى اللبنانية بمواجهة الانهيار المالي والاقتصادي، لتنفيذ أجندة إسرائيلية جديدة على الجبهة الجنوبية. وأضافت الأوساط أن تنفيذ غارات جوية بعد ساعات معدودة على إطلاق الصواريخ، يرسم علامات استفهام حول المشهد المرتقب في الجنوب في المرحلة المقبلة، في ضوء التطور الذي طرأ على المعادلة الأمنية ومبادرة العدو الإسرائيلي الى تغيير قواعد الاشتباك وردة فعل المقاومة على هذا الانتهاك.