اثارت احداث الايام الاخيرة على الجبهة الاسرائيلية ـ السورية جملة واسعة من التساؤلات عما قد تؤول اليه الامور، في ظل تصاريح المسؤولين في تل ابيب غير «الواضحة» في مقابل تأكيدات حزب الله انه لم يقدم اي ضمانات او تعهدات لاي طرف بعدم الرد على الاعتداءات الاسرائيلية، وسط سيل من التحاليل عن الغايات الحقيقية للتحركات الاسرائيلية.
في غضون ذلك اقر وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، بطريقة غير مباشرة بمسؤولية تل ابيب عن الغارات التي استهدفت مواقع سورية قرب العاصمة دمشق على دفعتين في الصبورة ومطار المزة العسكري، معتبرة انها تأتي في سياق استراتيجية اسرائيل لمنع حزب الله من امتلاك «أسلحة كيميائية»، الامر الذي يعتبر خرقا لكل الخطوط الحمر، كاشفا ان الوجود العسكري الروسي في سوريا لن يمنع الجيش الاسرائيلي من المبادرة في اتخاذ اي خطوات يراها ضرورية من اجل حماية امن الدولة العبرية.
تبرير لم يقنع ألون بن دافيد، معلق الشؤون العسكرية في القناة العاشرة الاسرائيلية، الذي سخر من مداخلة وزير الحرب الإسرائيلي الذي يحاول ان يعطي الانطباع بأن «حزب الله» يهرب سلاحا كيماويا، علما أنه لم يبق في سوريا إلا كميات ضئيلة جدا من هذا السلاح، مضيفا أن المعلومات الاستخبارية المتوافرة لدى إسرائيل تدل على أن حزب الله لم يكن في يوم من الأيام معنياً بالحصول على السلاح الكيماوي، نظرا لتداعيات هذه الخطوة السلبية عليه.
الا ان ليبرمان شدد في المقابل على ان اسرائيل غير معنية بالتدخل في الحرب الاهلية التي تشهدها سوريا، مضيفا ان اي عمليات تقوم بها على تلك الساحة انما تهدف الى حماية الدولة اليهودية ومواطنيها عبر منع وصول السلاح المتطور والنوعي الى حزب الله لبنان، من خلال عمليات نوعية على الاراضي اللبنانية والسورية، سواء عبر ضربات صاروخية من الجو او البر، او من خلال عمليات امنية نوعية تستهدف مسؤولين وقادة اساسيين في الحزب.
وفي السياق الاقليمي اعتبر ليبرمان ان الخطر الايراني آخذ بالتوسع مع تشكيل الجمهورية الاسلامية لميليشيات خاصة لها تقاتل الى جانب النظام مؤلفة من خمسة آلاف عنصر، فضلا عن الفصائل الشيعية العراقية واللبنانية التي تقاتل تحت امرة قيادة الحرس الثوري.
القناة العاشرة الإسرائيلية اشارت من جهتها الى أن شن غارتين في العمق السوري في أقل من اسبوع يدل على طابع هامش المناورة الكبير الذي تتمتع به إسرائيل حاليا في سوريا، غامزة من قناة موسكو معتبرة ان الطرفين توصلا سابقا إلى اتفاق حول طابع الوسائل العسكرية، التي «يحبذ» أن يستخدمها الجيش الإسرائيلي في تنفيذ الهجمات على أهداف «حزب الله» على الاراضي السورية، مدرجا في هذا الاطار استخدام صواريخ ارض – ارض في الهجمات التي استهدفت مخازن السلاح في مطار المزة العسكري، وتخليها عن استخدام الطائرات الحربية في شن الغارات خشية إحراج الروس، ولضمان أمن الطيارين، رغم ان منظومتي اس. 300 واس. 400 قادرتان على اسقاط تلك الصواريخ، كاشفة ان تل ابيب قد تكون توصلت مع الروس الى اتفاق باستخدام «الطائرات دون طيار الانتحارية» أو الصواريخ الموجهة.
تحت هذه العناوين جاء كلام وزير السياحة الإسرائيلي الليكودي، يريف ليفين الذي اعتبر أن على اسرائيل عدم السماح بتغيير ميزان القوى، رغم التحدي الذي يمثله انضمام روسيا الى «محور الممانعة»، مضيفا ان المعطيات الامنية والاستخباراتية مقلقة بالنسبة لأمن اسرائيل وحساسة، حيث يجب العمل على منع وصول اي سلاح كاسر للتوازن الى لبنان، دون التصادم مع موسكو. امور بحسب المعلقين والمحللين الاسرائيليين تفترض عدم المغامرة والامتناع عن الحسابات الخاطئة التي قد يتدهور في اطارها هجوم تكتيكي الى ورطة استراتيجية، وانفلات الوضع وتدهوره نحو مواجهة مع سوريا وحزب الله، مع إختلاف موازين القوى وإرادة الرد لدى دمشق وحارة حريك، عما كانا عليه في الماضي، مع ارتفاع ثقة النظام السوري بنفسه نتيجة ما يجري في حلب.
بين من يعتقد بأن ما يجري محاولة لرسم سياسة ردع جديدة تحاول تل ابيب ارساءها في مواجهة حزب الله بعدما قوي عوده نتيجة مشاركته في الحرب السورية، وبين من يقرأ في الغارات الاسرائيلية على سوريا المحمية بمظلة صاروخية روسية رسائل مبطنة الى موسكو، ثمة من خرج ليقول إن ما يجري رسائل اميركية مثلثة الاضلع الى روسيا ايران وسوريا بأن كسر التوازنات الحالية ستكون له تداعيات كبيرة على ساحة المنطقة، مع دخول اسرائيل طرفا اساسيا في المعادلة بطريقة مباشرة.