IMLebanon

اسرائيل «قلقة» من دخول ايران على الخط

فيما تكثر التحليلات الداخلية، وتتوه في الزواريب الضيقة في رحلة البحث عن حقيقة الاجراءات السعودية الاخيرة ووقف تمويل عملية تسليح وتجهيز الجيش اللبناني، ثمة في اسرائيل من يذهب ابعد من الحسابات الداخلية الضيقة، معطياً الازمة ابعادا اقليمية خطيرة تنبىء في حال صحتها بنتائج كارثية على لبنان.

مصادر دبلوماسية غربية أشارت الى أن الخطوات الخليجية العقابية تجاه لبنان أراحت تل أبيب، التي رأت فيها تلبية متأخرة لمطلبها، خاصة الجزء المتعلق منها بالمساعدات العسكرية وصفقة التسليح، بسبب العلاقة المتينة والتنسيق القائم بين الجيش اللبناني وحزب الله، وهو ما يتجلى بوضوح على الساحة الجنوبية، ما دفع اسرائيل الى توجيه أكثر من رسالة تحذير الى الحكومة اللبنانية في هذا الخصوص، سواء عبر الامم المتحدة أو أطراف ثالثة أميركية وروسية، مصنفة الخطوة تحت عنوان «المصالح المشتركة التي تدأب على تذكير الاعتدال العربي بوجودها بين الطرفين»، وهو ما شدد عليه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً في قوله «بضرورة تظهيرها وعدم الاكتفاء باللقاءات في الغرف المغلقة»، وقد يكون ترجم في المصافحة بين وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون والامير تركي الفيصل على هامش اجتماعات ميونيخ.

واعتبرت المصادر أن قبول تل ابيب «على مضض» خطة تسليح الجيش اللبناني في إطار العملية الفرنسية ـ السعودية، باعتبار أن هدفها الاساس «تعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية، وفي مقدمتها القوى العسكرية، لتشكل قوة موازنة في مواجهة حزب الله ومحاولة سيطرته على لبنان، بحسب التعهدات والتطمينات الغربية، لم يكن كافيا لتبديد الهواجس الاسرائيلية.

تطمينات لم ترح القيادتين العسكرية والسياسية في الدولة الصهيونية، اللتين اصرتا على أن الجانبين الفرنسي والسعودي يرتكبان خطأ استراتيجيا في قراءتهما للوضع اللبناني، «فالمسألة مسألة وقت فقط قبل أن يصل هذا السلاح إلى حزب الله، بصرف النظر عن أي تفاهمات أو ضمانات»، بحسب «اسرائيل اليوم»، متسائلة «كيف يمكن دولة مثل فرنسا أن تعتقد بأن تزويد الجيش اللبناني هو السبيل لإضعاف حزب الله؟»، مستغربة «استعداد السعودية للمشاركة في ذلك»، في ظل الحرب المذهبية المستعرة في المنطقة من جهة، والمواجهة الايرانية ـ السعودية المستعرة، بعد الاتفاق النووي الايراني ـ الغربي.

أمر دفع باسرائيل الى التعامل بقلق مع خطة التسليح، نتيجة المخاوف من استخدام المساعدات المخصصة للحرب على الارهاب، لاحقا ضد الجيش الاسرائيلي، وممارستها ضغوطا كبيرة على باريس، ومن قبلها موسكو، لمنع وصول أسلحة معينة وذخائر ذات مدايات معينة الى الجيش ومن ضمنها صواريخ أرض جو.

وبحسب ما نقلت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، عن مسؤول عسكري كبير، فان الخطوة جاءت في مرحلة حرجة من مسار الازمة السورية، حيث تمكن النظام السوري بدعم من حليفيه الروسي والايراني من تحقيق اختراقات واسعة في المعارك الدائرة، «ليأتي القرار السعودي بمثابة استجابة لرغبات تل أبيب»، خاصة بعد أن ربط أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في اطلالته الاخيرة بين اسرائيل والمملكة العربية السعودية متحدثا عن «تحالف».

غير أن اللافت في القراءات الاسرائيلية، تلك التي ذهب اليها موقع «واللا»،الذي رأى في القرارات الخليجية تخليا عن لبنان، «الذي عليه ان يتعايش مع هذه الاجراءات، بما تمثله من ضربة اقتصادية صعبة جداً، لانها كما يبدو جزء من الحرب الاكبر التي تدور في الشرق الاوسط بين السعودية وحلفائها ضد المحور الذي تقوده ايران»، معتبرا إن «قرار الرياض، عملياً، يعدّ تخلياً عن حلفائها الذين سيطروا على لبنان طوال عشر سنوات، وهم تشكيلة من تحالف مسيحي وسني معتدل وتقدمي يتمتع بالحداثة»، واصفا ما حصل «باعتراف محور الاعتدال بالهزيمة أمام سقوط تحت سيطرة ايران وحزب الله»، مقدرا بأن دولاً سنية أخرى ستجاري القرار السعودي.

فتقدير الموقف السعودي ينطلق، بحسب الموقع الاسرائيلي، من قرار الرياض بالمبادرة لعدم وجود جدوى من الانتظار، لادراكها «بأن «السيرك السياسي» في لبنان حيث لا يوجد رئيس للجمهورية منذ نحو عامين، ومحاولة الحفاظ على البنية السياسية القديمة والتظاهر بأن المسرحية الديموقراطية في لبنان مستمرة، لا تخدم الا أعداء السعودية، ما يعني ترك لبنان لتحالف جديد مكون من المسيحيين الموارنة بقيادة العماد ميشال عون والشيعة»، يضاف الى ذلك، نظرتها الى لبنان كجبهة غير منفصلة عن الحرب التي تشنها ضد طهران في سوريا والعراق واليمن والساحات الاخرى، وعدم خشيتها من خوض صراعات عسكرية مسلحة في منطقة الشرق الاوسط، حتى لو أدى ذلك الى المخاطرة بإدخال جنود سعوديين الى اراضي دول اخرى، مع ما يحمل ذلك في طيّاته خطر ان تملأ ايران الفراغ السعودي، عبر تقديم المساعدة للجيش اللبناني»، وهنا بيت القصيد الاسرائيلي.

انطلاقا من ذلك، ثمة من يقرأ في اسرائيل، آثارا سلبية لما حصل، مع الدخول الايراني على الخط،ما سيفقد تل ابيب امكانية المناورة والضغط، خاصة بعد رفع العقوبات الدولية عن إيران التي تقف أمام فرصة ذهبية لتحريك هبتها العسكرية غير المشروطة، وبالتالي اخراجها لاسرائيل من دائرة التأثير المباشر على نوعية السلاح المورد للجيش اللبناني في الحالة السعودية، بعكس ما كان حاصلا زمن الصفقة الفرنسية – السعودية.

من هنا يشير موقع «واللا»، الى أن تسليح إيران للجيش اللبناني من شأنه أن يؤثر سلباً على أي صراع مستقبلي مع إسرائيل، لافتاً الى التنسيق بين الجيش والحزب وتداعياته، مشيراً الى أن «العامين الماضيين شهدا تنسيقاً عملياتياً وتبادل معلومات استخبارية بين الجانبين، بل أيضاً تنفيذ عمليات مشتركة ضد مسلحي «داعش» و«النصرة» الذين يحاولون التسلل الى لبنان عبر الأراضي السورية، وتنفيذ هجمات في لبنان»، دون اغفال الوجه الآخر للعملية الكامن في «إضعاف الجيش اللبناني، لأنه سيسبب تعاظماً لقدرة حزب الله وتأثيره على لبنان»، لتبقى وسط كل ذلك وبحسب الموقع الصهيوني، الانظار موجهة الى «واشنطن ومدى استمرارها في مساعدة الجيش اللبناني».