إذا أردنا التفاؤل، فان العدوان الإسرائيلي على لبنان سينتهي في غضون ثلاثة أسابيع على أبعد تقدير.. ولكن على المقلب الآخر، فان مصادر دبلوماسية كشفت لـ«اللواء» ان العدوان على لبنان لن يتوقف في القريب العاجل، وان حل هذا الملف مرتبط ارتباطا وثيقا بتسوية الملف الفلسطيني من زاوية حل الدولتين، هذا أولا، وثانيا حل «الشيعية السياسية» أو لنقل إعادة النظر بدورها في التركيبة اللبنانية… وعلى هذا التقدير فاننا أمام مفاوضات تحت الطاولة لتسوية شاملة في الشرق الأوسط تبدأ في فلسطين ولا تنتهي في لبنان.
واعتبرت المصادر ان التعويل على نتائج الانتخابات الأميركية هو رهان على سراب، فالديمقراطيون باتوا مدينين لرئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بردّ الجميل بعد مسايرتهم في توجيه ضربة صورية إذا صحّ التعبير ضد إيران ومساندته في حربه ضد إيران وحزب لله، فيما الجمهوريون برئاسة دونالد ترامب وعدوه بتسليح ودعم عسكري غير محدودين لاستكمال حربه… وعليه، في الحالتين، فأننا أمام مخطط لتغيير وجه المنطقة تقوده أميركا بصقورها وحمائمها للتخلص مما تسميه الهيمنة الإيرانية على امتداد المنطقة.
من هنا، فان الرهان على قبول لبنان بالقرارات الدولية وفي مقدمهم ١٧٠١ سيشكّل مدخلا للحل وللتسوية هو مضيعة للوقت، فالمسألة اليوم باتت أكبر من مجرد تنفيذ هذا القرار، لان المطلوب هو لبنان خالٍ كليّا من حزب لله في جناحيه العسكري والسياسي، وفي توضيح أهم وأشمل إنهاء «الشيعية السياسية».
ثمة نقطة أهم وأعمق كشفتها المصادر الدبلوماسية العريقة من اننا أمام مفاوضات غير جديّة بتاتا، على اعتبار ان المطروح إضافة الى فك الارتباط الشيعي، هو تسوية سياسية مشروطة بإصلاحات حادّة تطال الدولة العميقة وكل الطبقة السياسية الموجودة في لبنان… يمكن القول وفقا للدبلوماسي ان من سيشارك اليوم في تنفيذ المعركة السياسية ضد الحزب هم شكليا قوى متحالفة مع واشنطن وحلفائها، ولكن عمليا هم سينفذون القرار، ولكن السلطة فيما بعد ستشهد تغييرا جذريا وسيتولاها شخصيات جديدة، إضافة الى إعادة ترتيبها وفقا لاتفاق الطائف معدّلا.
مما كشفته المصادر أيضا ان تقديمات الدول الداعمة لم تعد بالمجان، والإدارة الجديدة للبنان ستكون تحت وصايتها من أصغر موظف الى أكبر مسؤول… من هنا، أنا أقول، والكلام للدبلوماسي المذكور، اننا أمام تقسيم جديد في المنطقة وفي لبنان، وهذا السيناريو حسب تقدير كل الجهات خطير جدا، ولكنه سيشكّل باعتقادهم المدخل لإعادة بناء لبنان بوجوه وقيادات جديدة وأهم نقطة بدون حزب لله.
بناء على ما تقدم، خلصت المصادر الى القول باننا أمام مرحلة مخاض طويلة في لبنان قبل الوصول الى التهدئة، والتهدئة لا تعني بالضرورة نهاية العدوان الإسرائيلي بل الشروع في التسوية السياسية الشاملة التي تأتي برئيس جمهورية جديد وحكومة ببيان وزاري خالٍ من معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»… والأهم، إقرار قانون انتخابي جديد وحل المجلس النيابي وتقديم موعد الانتخابات.. ولكن السؤال المطروح اليوم، والذي ما زال يبحث في الكواليس، أي مجلس ينتخب رئيس الجمهورية الجديد؟