Site icon IMLebanon

إسرائيل تدفع بالمنطقة إلى شفير الحرب

 

مرحلة حاسمة من المواجهات تضع لبنان أمام تداعيات خطيرة

 

 

مع بلوغ العدوان الإسرائيلي على المناطق الجنوبية أعلى درجاته، بمئات الغارات الجوية على عدد كبير من البلدات والقرى، وصولاً إلى البقاع الشمالي، وما خلّفه من مئات الشهداء والجرحى، وإعلان الاحتلال عن مزيد من نواياه العدوانية تجاه لبنان، فإن مرحلة جديدة من المواجهات الواسعة قد بدأت، ستضع لبنان بالتأكيد أمام تداعيات بالغة الخطورة، حيث من المتوقع أن يكون رد «حزب الله» بشكل مختلف وأكثر قوة وفتكاً، من خلال أسلحة جديدة ومتطورة بدأ بإدخالها إلى الميدان، ما قد يعجّل بحصول الانفجار الواسع. وهذا ما جعل المخاوف تكبر من حصول حرب واسعة في وقت قريب، إذا قرر الاحتلال القيام بعدوان بري على لبنان، في ظل تراجع الاهتمام الدولي بالضغط على العدو لوقف هجماته على لبنان. وهذا مؤشر خطر إلى ما ينتظر اللبنانيين، في حال أخذ «حزب الله» قراره بفتح جبهة الجنوب، ردّاً على أي استهداف إسرائيلي واسع، ولا سيما أن مسؤولي «الحزب» ما زالوا يؤكدون أن المقاومة ستواجه العدو بكل قوة وشجاعة، في حال استمر الإجرام الإسرائيلي ضد الشعب اللبناني وضد قطاع غزة. وتخشى أوساط معارضة، من أن لا تتردد إيران في استخدام لبنان ساحة، كما هي العادة في كل الحروب، عبر الدفع بحلفائها إلى الحرب. وهذا ما لن يكون في مصلحة اللبنانيين على الإطلاق. لأن أحداً لن يقف إلى جانبهم، أو يسأل عنهم، أو يطلب من إسرائيل وقف حربها ضدهم، مشدّدة على أن كل العالم يقف إلى جانب إسرائيل في حربها على حركة حماس.

وفي حين وسّع العدو من دائرة عدوانه على نحو غير مسبوق باتجاه العمق اللبناني، فهذا يؤشر وفق مصادر عسكرية، إلى أن الوضع الميداني مرشح لتطورات بالغة الخطورة، ما قد يفتح الأبواب أمام مفاجآت غير محسوبة، على وقع تصاعد حدّة المواجهات بين جيش الاحتلال و«حزب الله» على حد سواء، توازياً مع اتساع نطاقها. ما ينذر بإمكانية قيام إسرائيل بعدوان واسع على لبنان، ربما تكون بدأت التمهيد له، من خلال كثافة الغارات الجوية التي طالت معظم المناطق، سعياً لإبعاد «حزب الله» إلى خارج منطقة جنوب الليطاني. وهذا ما بدا بوضوح من خلال تركيز هذه الغارات الإسرائيلية على منطقة الـ1701، توازياً مع تضخيمها لقوة «حزب الله»، وإبراز مخاطر تهديداته لحدودها الشمالية، وسط تزايد المخاوف الغربية من عدم قدرة المجتمع الدولي، على منع إسرائيل من مواصلة اعتداءاتها على لبنان.

 

واستدعى اتساع رقعة الإجرام الإسرائيلي المتمادي، قيام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بسلسلة اتصالات ومشاورات عاجلة، داخلية وخارجية، تصب في اتجاه الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على اللبنانيين، في وقت شدّدت مصادر وزارية على أن وتيرة المخاوف بدأت تكبر، لا سيما في ظل خشية من تجاوز العدو لكل الخطوط الحمر، بعدما أوقعت غاراته العدوانية، أمس، أكثر من مائة شهيد، وما يزيد عن خمسمائة جريح. وهو أمر بالغ الخطورة، لما يمكن أن تكون عليه المرحلة المقبلة، في ظل ارتفاع وتيرة التهديدات من جانب قادة الاحتلال. وأشارت إلى أن الحكومة في أعلى درجات الاستنفار، بالنظر إلى حجم التداعيات المرتقبة، لا سيما بالنسبة إلى ارتفاع حركة النزوح من المناطق الجنوبية، باتجاه جبل لبنان والعاصمة بيروت، وصولاً إلى الشمال.

 

وفي ظل تصدّر المشهد الجنوبي المتفجّر واجهة الاهتمام، فإن المؤشرات لا توحي بإمكانية تحريك الملف الرئاسي، لا من قبل الجانب الفرنسي، ولا من قبل «الخماسية»، باعتبار أن الأجواء غير مؤاتية حتى الآن. وتبدو الصورة الرئاسية كما تراها أوساط معارضة سوداوية، طالما استمر «الثنائي الشيعي» على موقفه المتمسّك بمرشحه سليمان فرنجية، وعدم إبداء الاستعداد للبحث في «الخيار الثالث» الرئاسي، لإخراج لبنان من الشغور القائم منذ ما يقارب السنتين. ولا يبدو أن «حزب الله» تحديداً في وارد تقديم تنازلات، تساعد الجهود العربية والدولية في تحقيق إنجاز يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب. وأكثر من ذلك، فإن هذا الحزب نفسه، يرفض البحث في أي ملف لبناني داخلي سواء كانت الرئاسة أو غيرها، قبل انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة، ما يجعل الأمور تراوح على صعيد الحراك الذي يقوم به الوسطاء.

وتخشى الأوساط أن يكون لبنان أمام مرحلة شديدة الخطورة، بعدما باتت قدرة الخارج ضعيفة في منع إسرائيل من مواصلة اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية. لا بل أكثر من ذلك، فإن «حزب الله» بات في وضع صعب بعد الخسائر البشرية النوعية التي لحقت به، وبعد تخلّي إيران الظاهر عن مبدأ توحيد الساحات، وأصبح دورها الأهم اليوم، هو تأمين مصلحتها، من خلال إعادة فوز الحزب الديمقراطي بالانتخابات الرئاسية الأميركية، ما يجعل الملف الرئاسي مرهوناً بالتطورات الإقليمية، في ظل عدم وجود قوى سياسية داخلية في لبنان، قادرة على انتخاب رئيس للجمهورية، وإنما أصبح موضوع رئاسة الجمهورية يأتي من الخارج إلى الداخل، وليس العكس.