الصورة قاتمة وواشنطن لن تنجح في تسويق مقترحها
رفع تطابق المواقف الإسرائيلية – الأميركية من ملف العدوان على غزة، وهو ما ظهر في تماهي وجهتي نظر الطرفين من الهدنة التي يعمل عليها، من مخاطر حصول تطورات غير محسوبة، قد تفضي إلى تسريع الانفجار في المنطقة. ومع تضاؤل الآمال بنجاح مفاوضات القاهرة، وفي ظل إصرار «حزب الله» على الانتقام لاغتيال إسرائيل قائده العسكري فؤاد شكر، تستمر المواجهات الميدانية على عصفها غير المسبوق. وهذا ما تجلّى في ارتفاع وتيرة التصعيد بين «الحزب» وإسرائيل في الساعات الماضية، ما اعتبر مؤشراً جدّياً، على إمكانية خروج الوضع عن السيطرة في أي وقت. ولا يخفي المراقبون مخاوفهم من تطورات غير محسوبة قد تشهدها الجبهة اللبنانية مع إسرائيل، وسط خشية حقيقية من أن يستغل الاحتلال الموقف الأميركي المستجد، والذي يتبنّى وجهة نظره بشأن ملف الهدنة، وألا تتجاوب حكومة إسرائيل مع النداءات الدولية التي تطالبها، بعدم التصعيد ووقف الحرب على غزة.
وفيما يتوقع أن يبحث وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن سبل التوصل إلى هدنة، في زيارتيه القاهرة والدوحة، بعد المحادثات التي أجراها في إسرائيل، وفي حين عبّرت «حماس» عن رفضها المقترح الأميركي الجديد، فإن مصادر دبلوماسية غربية، تشير إلى أن الصورة لا زالت قاتمة، ولا يظهر أن واشنطن ستنجح في إحداث خرق، يفضي إلى تحقيق هدنة في غزة، طالما أن الجانب الفلسطيني ما زال على موقفه الرافض لما يتم بحثه، باعتبار أن المقترح الأميركي الجديد، لا يحظى بموافقة «حماس» لاعتبارات عديدة. وهذا ما سيبقي الأمور مكانها، لا بل يخشى من تفاقمها، إذا ما تطورت الأوضاع على الجبهة اللبنانية، مشددة على أن القصف الإسرائيلي النوعي لعمق الأراضي اللبنانية في البقاع، مؤشر بالغ الخطورة، لما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة من تطورات غير محسوبة. وأشارت إلى أنه يفترض التوصل إلى صيغة حل مقبولة من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وهذا سيفرض نفسه على جبهة لبنان، للحؤول دون حصول تصعيد لن يكون في مصلحة أي طرف، في وقت أكد مسؤولو «حزب الله» أن إسرائيل لن تفلت من العقاب، وأن الميدان مرشح لأن يشهد مزيداً من التطورات التي لن تصب في مصلحة العدو، وأنه لا بد أن يدفع الثمن، عاجلاً أم آجلاً.
ومع تصدّر ملف الجنوب واجهة الاهتمام، وما يمكن أن يحمله رد «حزب الله» المنتظر من تطورات، تعتبر أوساط نيابية معارضة، أن انتخاب رئيس للجمهورية، يجب أن يشكّل أولوية تتقدم على ما عداها، لأنه لا يجوز بقاء لبنان دون رأس، في ظل الاستحقاقات الداهمة التي تنتظره، والتي تفرض على جميع الأطراف وضع مصلحة البلد أولوية على ما عداها. فاللبنانيون ما عادوا قادرين على تحمّل الشغور الرئاسي القاتل الذي دمّر المؤسسات، وخلق أجواء الفوضى والتسيّب، ما زاد من معاناة الناس، وفاقم من مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية. الأمر الذي يفرض على «الثنائي» أن يضع مصلحة لبنان أولوية، ويبادر إلى تسهيل مهمة «الخماسية»، بانتخاب رئيس على مسافة واحدة من الجميع، ولا يشكّل استفزازاً لأحد. وبالتالي فإن الإصرار على سليمان فرنجية لن يساعد على الحل.
وأشارت الأوساط إلى أن احتمال انزلاق الوضع إلى الأسوأ يزداد مع الوقت، ما قد يغلق نوافذ الحلول الدبلوماسية التي يسعى إليها المجتمع الدولي. وهذا هو الخطر الأكبر حالياً، لعدة أسباب، أبرزها أن هناك أطرافاً، قد تقوم بخطوات من شأنها رفع وتيرة التصعيد بشكل سريع، إذا ما قام «حزب الله» بمهاجمة إسرائيل على نطاق واسع، إضافة إلى أن الاهتمامات الدبلوماسية الغربية تتقلص مع الوقت، بسبب الانتخابات الداخلية في عدد من الدول، وفي مقدمها الولايات المتحدة التي تراجع تأثيرها في الحرب على غزة، في حين أن زيارات موفدها آموس هوكشتاين إلى بيروت، لم تحقق هدفها في وقف الاعتداءات الإسرائيلية.
وإذ أكدت أن تطبيق القرار 1701، هو السلاح الأمضى بيد لبنان، فإنها اعتبرت أن هذا القرار لم يحظَ بتطبيق كامل أو مقبول منذ صدوره. ولا سيما أنه لا يرتبط بالحدود الجنوبية للبنان، بل أنه يتضمن قرارات دولية أخرى، بما فيها 1959، كذلك يرتبط ببسط سلطة السيادة اللبنانية على كامل أراضيها، وسحب السلاح من كافة المنظمات المسلحة على الأراضي اللبنانية، ووضع قوات الطوارئ والجيش اللبناني بانتشار واسع في مناطق جنوب نهر الليطاني. وقد ظهر من خلال الممارسة، أن هذا القرار يستباح من كافة الأطراف، فيما يحاول الجيش اللبناني الالتزام به قدر الإمكان، وضمن الإمكانات المطلوبة، لكنه بحاجة إلى تطبيق كامل، وليس جزئياً.