في وقت اتفق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومستشار الرئيس الأميركي جو بايدن أموس هوكشتاين على هامش “مؤتمر ميونيخ للأمن”، على “الحاجة إلى حل ديبلوماسي دائم يساهم في تحقيق الاستقرار الدائم جنوبا وعودة النازحين إلى قراهم”، بقيت بيروت على موقفها حيث أكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بان لا تسوية جنوبا قبل التسوية في غزة، وسط تلويح الحزب بتصعيد المواجهات للرد “بالدم” على المجازر التي يرتكبها “الاسرائيليون” ويسقط فيها مدنيون في القرى الجنوبية.
فعلى وقع المواقف السياسية “الصادمة” للكثيرين من اهل بيت المحور، والتي اطلقها رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون من الرابية، والتي شكلت انعطافة كبيرة في خطابه، خصوصا فيما خص ملف اقليمي اساسي مرتبط بالمنطقة والصراع فيها ككل، واستتبعه رئيس “التيار الوطني الحر” بموقف مرتبط بالسياسة الداخلية وتحديدا رئاسة الجمهورية، يظهر جليا ان مشهدا سياسيا جديدا يتكوّن، يقابله موقف حكومي رسمي ثابت حتى الساعة على عدم التنازل عن القضايا المبدئية، والتي اعاد رئيس حكومة تصريف الاعمال التأكيد عليها خلال لقائه الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين في ميونيخ.
وبينما “تل ابيب” بدورها ماضية في ضرباتها وغاراتها، رغم الاصرار الاميركي على ردعها ومنعها من توسيع حربها لبنانيا على الاقل ظاهريا، يظل المشهد معقدا مع استمرار “اسرائيل” في تصعيدها، ومحاولاتها في جر حارة حريك الى المواجهة وفقا لتوقيتها، موسعة من “بيكار” اعتداءاتها، التي وصلت الى منطقة الغازية في وقت الذروة، مستهدفة مواقع كان يمكن ان يؤدي انفجارها الى كارثة، وسط انتشار وطوق امني فرضته عناصر حزب الله، والذي جاء وفقا لمعلومات امنية حزبية بهدف حماية المواطنين، بسبب تواجد مواد مشتعلة وخزانات وقود في الموقع. علما انه كان تم رصد مسيرة “اسرائيلية” حلقت فوق الموقع لساعات وشوهدت بالعين المجردة، فضلا عن ان الغارة نفذتها طائرة “اف 16 ” اطلقت صواريخها من فوق البحر، ومن خارج الاجواء الاقليمية اللبنانية.
في كل الاحوال، فان مصادر ميدانية تؤكد ان العدو الاسرائيلي، وفي ظل “التضييق” الكبير والحد من فعالية سلاح جوه، وتمكن حزب الله من موازنة القوة الجوية بقدرات قوته الصاروخية المتطورة، يعاني من نكسات كبيرة بدأت تظهر، رغم كل المحاولات التي حاول من خلالها سد الثغرات، واهمها اعادة تموضع قواته وتجمعاته، الا ان حزب الله تمكن من توجيه ضربات موجعة، لعبت فيها الحرب الالكترونية دورا اساسيا.
وتكشف المصادر ان امرين اساسيين شكلا تحولا بارزا، واثارا القلق لدى “الجيش الاسرائيلي”:
– تمكن حزب الله من التشويش على منظومة القبة الحديدية وبالتالي تعطيلها، وصولا الى استهداف احدى بطارياتها على بعد عشرة كيلومترات في الداخل.
– رصد الطيارين “الاسرائيليين” بعمليات “فتح لموجات رادارية” منذ اسبوعين لحوالي سبع الى عشر ثوان، ما يعني ان حزب الله شغل رادارات مرتبطة بمنظومة دفاع جوي متطورة لثوان، في رسالة واضحة “للاسرائيليين”.
– تمكن الحزب من السطو على مسيرات “اسرائيلية”، مستخدما اجهزة الكترونية حصل عليها من روسيا، ووصل بعضها الى حركة حماس. علما ان موسكو كانت ابلغت “تل ابيب” انها ستضغط لعدم استخدام بعض الاسلحة ومن ضمنها تلك الاجهزة.
– المفاجأة الاميركية من استخدام الحزب لصواريخ تاو المضادة للدروع، من جيل متطور ضد آليات مدرعة وتحصينات، تبين ان حزب الله الله غنمها من المعارضة السورية خلال المعارك التي خاضها في سوريا، وقام بنقلها الى لبنان ونشرها على الحدود الجنوبية.
ازاء هذا الواقع اكدت اوساط وزارية على تواصل مع الخارج، ان لبنان ابلغ المعنيين ان ما بعد الغازية ما عادت قواعد الاشتباك التي كانت قائمة صالحة، خصوصا ان “تل ابيب” ذهبت بعيدا في محاولاتها لكسر معادلات التوازن، وهي بالتالي ردت على كلام امين عام حزب الله، بالاصرار على استراتيجيتها في توسيع العدوان وتخطي منطقة العمليات.