ليست مصادفة ان تبادر إسرائيل، الى التحرك السريع لاحتلال المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان السوري ،بموجب اتفاقية فصل القوات للعام ١٩٧٤، فور سقوط نظام بشار الاسد مباشرة، على يد تحالف فصائل الثورة السورية بقيادة زعيم جبهة تحرير الشام، احمد الجولاني سابقا ،واحمد الشرع حاليا ، الذي يرأس الادارة السياسة المؤقتة لسوريا ، انطلاقا من محافظة إدلب، التي بقيت عصيّة على نظام الاسد بعد اندلاع الثورة السورية عام٢٠١١، واستمرت تحت سيطرة الجيش التركي، بل يأتى هذا الاحتلال كردة فعل فجائية،لملاقاة المتغيرات المتسارعة داخل سوريا، واستكشاف طبيعة النظام الجديد، الذي بدأ بالتشكل على حدود احتلالها،ومدى تأثيره على إسرائيل والمنطقة.
ظهر عدم ارتياح إسرائيل واضحا في سلوكياتهاالعدوانية،تجاه الادارة السورية الجديدة منذ الايام الاولى لتوليها السلطة، ولم تكتف بتحريك قواتها لاحتلال اراض سورية جديدة، بل ارفقت عدوانها بقصف مركز ومتواصل، استهدف كل المطارات والمواقع العسكرية وتخزين الاسلحة والصواريخ السورية،على طول الاراضي السورية وعرضها،لتدمير كل يمكن ان يوجه اليها من قبل النظام السوري الجديد في قادم الايام .
ومن خلال هذه الاعتداءات، عبّرت إسرائيل عن قلقها الشديد،وإظهار عدم ارتياحها للنظام الجديد الذي يغلب عليه الطابع الاسلامي الاصولي، والمدعوم من تركيا، ووصوله إلى تخوم مرتفعات الجولان السوري المحتل، والخشية من هذا التبدل الجيوسياسي الجديد في مجرى الصراع العربي الاسرائيلي مستقبلا، وتاثيره ومخاطره على الواقع القائم حاليا.
ولكن بالمقابل، التزم رئيس الادارة السورية احمد الشرع،وخلال اطلالاته الاعلامية ولقاءاته السياسة، منذ سقوط نظام الاسد قبل شهر، تجاهل موضوع تمدد الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة العازلة بالجولان، وتصاعد وتيرة الاعتداءات والقصف الجوي ضد المواقع العسكرية والامنية السورية، ربما لان الظرف غير مؤاتٍ للرد عليها في الوقت الحاضر، وحصر مواقفه وتصريحاته، بالحديث عن تطلعات الادارة الجديدة، للمرحلة المقبلة، وقيام الدولة، والاهتمام بتنظيم مؤتمر للحوار الوطني يضم كل المكونات السورية، وتعديل الدستور واجراء انتخابات عامة، وتلبية حاجات المواطنين الخدماتية، والنهوض الاقتصادي واقامة علاقات طبيعية مع الدول العربية والاجنبية.
لم تنجح الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الاراضي السورية في تفخيخ الثورة التي لاقت التفافا شعبيا واسع النطاق من حولها، واحتضانا عربيا ودوليا، وهي الثورة التي اسقطت نظام بشار الاسد،الذي كانت إسرائيل تحميه وتدعم بقاءه في السلطة، بالرغم من جرائمه وارتكاباته الدموية ضد ابناء الشعب السوري، والاهم انها لم تستطع استكشاف حقيقة نوايا «الجولاني» السابق تجاهها حتى اليوم ، وما يكتمه في نفسه من توجهات للرد على احتلالها ما تبقى من الاراضي السورية بالجولان ، بعد ان اصبح وجوده أمرا واقعا ، وعلى تماس مع الاراضي السورية المحتلة ، وبحماية تركية ملحوظة.