لأوّل مرّة منذ العام 2006 نسمع تحليق الطيران الإسرائيلي بهذه الكثافة، فجأة اكتشف اللبنانيّون في المناطق التي سمعت صوت هذا التحليق أنّ الخوف والتوتّر بات ينتابهم بشدّة أكبر، الأيام التي يُعانيها اللبنانيون تجعلهم متوجسين خيفة من حربٍ قد تندلع فجأة وهم لا يملكون «نكلة» حتى الحرب تحتاج إلى أن يكون المواطن جاهزاً بـ»مصرياته»، وقد «عرّوا» اللبنانيّين من كلّ إمكانيّاتهم!
لا يعتبر الساسة اللبنانيّون «ولا يحسّون على دمهم» ولا يخجلون وهم يشاهدون مؤتمر دعم لبنان يريد دعم اللبنانيين ونتيجة سلوك هذا الطقم الحاكم وهو «عارٌ على الشعب اللبناني» جاءت النتيجة مخيّبة للآمال فقط 270 مليون دولار أميركي وليس هناك دولة يصدّقها ويحترمها هؤلاء ليسلّموها هذه المساعدات ستذهب للمجتمع المدني وجمعيّاته الموثوقة، من يصدّق دولة كاذبة حتى في موضوع صور الأقمار الاصطناعيّة التي طلبتها من أجل التحقيق في تفجير المرفأ الذي دمّر نصف بيروت، هذه دولة تتواطأ على حياة اللبنانيين وأرزاقهم وأرواحهم، هذه دولة قاتلة ومتوحشة. هذه هي الحقيقة لأنّ البعض يتوهّم أنّها دولة عاجزة، وهي ليست كذلك كلّهم شركاء في القتل والنّهب!
الساسة اللبنانيّون «لا يحسّون على دمهم» ولا يخجلون، وفي الوقت الذي كانت فيه الدول المجتمعة في مؤتمر دعم لبنان وتطالب بالإسراع في تشكيل حكومة المهمة لإنقاذ لبنان، سمعنا صوت أحد حيتان ـ باعترافه ـ سرقة المال العام ونهب أموال اللبنانيّين النائب السّابق وليد جنبلاط يتحدّث عن «مزحة ثقيلة» ويعتذر عن قبول وزارة السياحة في الحكومة التي يسعى الرئيس سعد الحريري «عاجزاً» على تشكيلها، حتى في هذه اللحظة عقليّة المحاصصة قائمة حتى اللحظة من دون أدنى إحساس بالحال الذي بلغه لبنان واللبنانيّون، لم ولن يشبع «البيك» بل لن يشبعوا كلّهم، معه حقّ ليس هناك سياحة هذه الأيام وهذه وزارة موازنتها هزيلة لا تنفع للسّرقات الكبرى، كلّهم يريدون الوزارات «المدهنة» السّرقة مستمرّة، أيّها اللبنانيّون خذوا نفساً عميقاً واستعدّوا إنّهم يتحضّرون لسرقة «الذّهب» الذي اتّكل الاقتصاد اللبناني طوال الحرب الأهليّة على أنّه مهما حدث ينام «ومغطّى بالدهب»، الآن تعلو الأصوات لتسييله أو رهنه، لِمَ لا، «على قولة وليد جنبلاط» مؤسسة القرض الحسن تمنح زبوناتها بطاقات تخوّلهم سحب 5000 دولار كقرض مقابل رهنيّة ذهب!
كلّهم «محاصصون» لا يُلام وليد جنبلاط عندما يفكّر بحصته التي تدرّ على خزنته وتركته المليارات لأولاده، كلّ واحد منهم يريد حصّته ممّا تبقّى من الجسد اللبناني «المهبّر»، «يا جماعة» هذه المنظومة لم تعد نافعة للحكم، نكاد نقول أنّ العهد لن يجد من يسلّمه البلد والرئاسة هذا إذا بقي بلد، وأنّ الرّياح لن تجري أبداً كما يشتهي العهد، لأنّنا ندفع ثمن رغبته العارمة التي ضيّعت البلد، بتوريث القصر لصهره المدلّل!!
هذه الصيغة التي نتعايش بموجبها في لبنان لم تعد صالحة، عندما يطالب البطريرك بشارة الراعي بالحياد لحماية لبنان فنراه في الموقع المتقدّم لإنقاذ لبنان ثم يتقهقر ليصبح رأس الطائفة المارونيّة فقط ويرفض المطالبة باستقالة رئيس الجمهوريّة، فماذا تفعل الطوائف الأخرى برؤوسها الممنوع أيضاً إسقاطها والمسّ بها!!
حان الوقت ليقول أحد ما أنّ «اتفاق الطائف» فاشل، وأنّ هذا الاتفاق تم إرسال نصّه لسلطة الاحتلال التي رفضت صيغته اللبنانيّة وتولّت خردقة الاتفاق وملئه بالثقوب ليغرق المركب اللبناني بمن وما فيه، حان الوقت للجلوس بهدوء والقول بوضوح لحزب الله إسمح لنا لم نعد قادرين على العيش تحت رحمة سلاحك، وأنّه من واجب اللبنانيين رفع الصوت أمام العالم مطالبين بإنقاذهم من هذا السلاح الإيراني الذي يفرض على اللبنانيين أن يكون ضحايا اللعبة الإيرانيّة من أجل ملفّها النووي.. حان الوقت ليرفع أحدهم الصوت ليقول حزب الله اخترق الجغرافيا اللبنانيّة وفخّخ كلّ من مناطقها من طرابلس إلى جبيل إلى كسروان إلى المتن إلى الأشرفية إلى بيروت إلى الجيّة ووادي الزينة وخلاياه النائمة مقيمة في شقق سكنيّة وأنّها في اللحظة المؤاتية وفي اللحظة التي سيفكّر اللبنانيون في رفع الصوت في وجهه سينقضّ على كلّ المناطق ولن يبقَ من لبنان شيء، من أجل ذلك «يا جماعة» هذه المنظومة لم تعد صالحة، والمطلوب أن نفكّر ببديل جدّي قابل للحياة والمحافظة على لبنان ـ الرسالة، لأننا نخاف بعد رفض البطريرك المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية أن يطير لبنان وأن يتحلّل حبر الرسالة.