راوح الغباء الاميركي بين انتقاد عملية حزب الله ضد قوات الاحتلال، وبين ان يتجاهل ذكر ما فعلته اسرائيل في القنيطرة، الى حد اعتبار ما قام به الحزب عملا مدانا، فيما يعرف الجميع ان رد فعل الحزب هو ما يعول عليه على امل ان تفهم اسرائيل ان مجالات تعدياتها ليست متاحة من دون تداعيات قد لا يستوعبها الاحتلال لانه في مزاج انتخابي مرهون بما ليس بوسع بنيامين نتانياهو تقديمه من حلول للمشاكل السياسية والعسكرية التي وقع فيها واوقع جنوده فيها لغايات من الصعب ان تعالج من خلال الكلام والبيانات الدعائية؟!
لا يكفي القول ان استهداف الموكب العسكري الاسرائيلي قد احتاج الى التبريك، او الى التخوف من الرد الذي يمكن للعدو ان يلجأ اليه، فيما يوحي الواقع ان اسرائيل فوجئت برد فعل حزب الله من جنوب لبنان، بعدما كانت تنتظره من القنيطرة السورية حيث ضربت اسرائيل ضربتها الموجعة ضد موكب لحزب الله، اوقعت سبعة شهداء بينهم مسؤول ايراني رفيع المستوى.
ومن ابرز ما قيل عن عملية الاربعاء في الجنوب اجماع المراقبين على ان نتانياهو عمل ما هو في مصلحته، بينما جاءت عملية الحزب مع مصلحة لبنان، لاسيما انها تعني من ضمن ابعادها السياسية والعسكرية امكان اشعال حرب من الصعب ضبطها؟!
ومن جهة ثانية، قيل عن ان الخرق من لبنان للقرار 1701 ليست فيه مصلحة وطنية بقدر ما قد يجر البلد الى ما يفيد العدو لان لبنان عالق بين متاهات اللاتفاهم التي تمنع الحوارات الجارية في لبنان من غير ان يصدق احد ما اذا كانت جدية او مجرد مزحة سياسية قد يطاول «الزغل» بالنسبة الى بعض المواضيع العالقة في ذهن هذا السياسي او ذاك؟
اما القول ان من الضروري التنبه للاهداف الاسرائيلية التي تنتظر في زمن الانتخابات النيابية التي يحتاجها نتانياهو في معاركه للبقاء على رأس الحكومة، فهو قول حق لا يراد به سوى الحفاظ على الاستقرار في لبنان لان عكسه يفيد اسرائيل وحدها طالما انها تعبث بكل ما هو لمصلحة لبنان، بحسب تغريدة لرئيس جبهة النضال النائب وليد جنبلاط الذي قال ان العملية من داخل مزارع شبعا ستدخل لبنان في مرحلة اضطراب كبيرة!
ومن جهة ثانية، هناك قناعة لدى الكثيرين مفادها ان الرد الاسرائيلي لن يقتصر على حزب الله بل سيطاول كل لبنان كما سبق وحصل في حرب تموز حيث ضربت اسرائيل المرافق العامة، وهي لو ارادت لما كانت تركت شيئا واقفا على ارض لبنان، كما كان في امل ان لا يكون الرد الاسرائيلي كبيرا بحسب الرؤية التي لا تزال على قناعة بان العدو لن يترك المناسبة العسكرية من دون ان يستفيد منها كما درجت العادة، اضافة الى ان حزب الله لا يأخذ في الاعتبار سوى مصلحته ومصلحة ايران التي تبدو واقفة وراء ما فعله الحزب (…)
اما الذين يقولون ان «المقاومة جاهزة اكثر من اي وقت مضى للرد على اي عدوان اسرائيلي، فان هؤلاء ينظرون الى ما يصب في مصلحة سوريا وايران الواقعتين في مجالات بالغة السلبية من الصعب بل من المستحيل خروجهما منها.
ومن هنا بالذات يفهم من هم مع الضربة العسكرية لحزب الله وهؤلاء يعرفون انهم لو قالوا غير ذلك لما وصل كلامهم الى ما يخدم مصالحهم العالقة بين تبعيتهم لسوريا وايران وبين ما ليس فيه مصلحة لبنانية في ادنى مستوياتها، مع العلم ايضا ان الاجماع اللبناني على عمل واحد غير متوفر في الحال التي يعاني منها لبنان عموما؟!
هل ان ما حصل اخيرا في الجنوب بعد الذي حصل في القنيطرة لا يوحي بان اسرائيل قادرة على «بلع» ما لحق بها، والشيء بالشيء يذكر بالنسبة الى حزب الله الذي يرى مع مؤيديه ومناصريه انه فعل اقل شيء لرد الاعتبار الذي اهتز جراء ضربة القنيطرة التي اثرت في سمعة الحزب وفي نظرة مؤيديه، لاسيما عندما يقال صراحة ان «زمن تفلت اسرائيل من العقاب قد ولى» كما يقال ايضا ان اسرائيل مطالبة بان تعيد حساباتها وتلملم خيبتها.
والجديد، تحرك مجلس الامن الدولي على خط ادانة ما حصل في الجنوب فيما لم يتحرك المجلس عند قيام اسرائيل بعدوانها في القنيطرة مع العلم تكرارا ان مجلس الامن الدولي هو اخر ما تفكر فيه «مقاومة حزب الله» قياسا على ما سبق حصوله في حرب تموز 2006 حيث قيل انذاك انه لولا تدخل مجلس الامن لما اوقفت اسرائيل حربها، فيما كان بوسع حزب الله ان يستمر في حربه ضدها من دون ان يتأثر بما لحق به من خسائر بشرية ومادية فادحة!