لم يعرج المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين إلى لبنان كعادته عندما يزور المنطقة، للتوسط بين حزب الله وإسرائيل، لتهدئة الاوضاع المشكلة على الحدود اللبنانية الجنوبية والمناطق المتقابلة في إسرائيل، وفضل الانتظار في دولة اخرى، أملا في تفعيل الاتصالات الجانبية مع الطرفين، لمعاودة مهمته بأجواء مؤاتية، لتحقيق اختراق ملموس في مساعي وقف المواجهة العسكرية والتدهور الحاصل، والتوصل الى تفاهم ، يؤدي إلى وقف اطلاق النار واعادة الامن والاستقرار جنوبا.
مهمة هوكشتاين الحالية، تختلف عن سابقتها، في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والتي نجح خلالها في التوصل إلى اتفاق بين البلدين، بمشاركة فاعلة من حزب الله، وأطفأ بمساعيه شرارة مواجهة، كادت ان تندلع بين الحزب وإسرائيل، بالرغم من تنازل لبنان عن مساحة كبيرة من المياه المختلف عليها بين البلدين.
من الاسباب التي دفعت هوكشتاين، لتجنب زيارة لبنان هذه المرة، استنادا إلى اوساط ديبلوماسية، التوجه الذي لمسه من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وبقية المسؤولين الإسرائيليين، والاستعداد للقيام بعمل عسكري في جنوب لبنان قريبا، وتذرعهم بفشل كل محاولات إنهاء المواجهة العسكرية الحاصلة على طول المناطق الحدودية مع لبنان عن طريق التفاوض طوال الاشهر الماضية، ورفضهم اعطاء فرصة جديدة للتفاوض، من اجل التوصل إلى تفاهم ينهي المواجهة العسكرية المحتدمة بين حزب الله وإسرائيل.
أما في الشروط الإسرائيلية الجديدة التي تبلغها هوكشتاين، الاصرار على ضرورة وقف الاشتباكات المسلحة مع حزب الله على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، واعادة الأمن والاستقرار إلى هذه المناطق بأسرع وقت ممكن، وبمعزل عن انتهاء حرب غزّة، خلافا لما يتمسك به الحزب، الذي يرفض رفضا قاطعا، فصل المواجهة العسكرية الدائرة مع إسرائيل، قبل انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، ما يعني استحالة تحقيق اي تقدم باتجاه الاتفاق المطلوب للتهدئة جنوبا.
واستنادا الى الاوساط الديبلوماسية، ابلغ الجانب الاسرائيلي هوكشتاين، ان مسار التفاوض المتواصل مع حزب الله منذ سنة، لم يؤدِّ إلى تحقيق اي نتائج ملموسة، بالرغم من تحديد التفاهم على معظم المشكلات والنقاط المختلف عليها في الجولات السابقة، ولم يعد بالامكان الانتظار اكثر من ذلك ، مع التشدد أكثر من أي وقت مضى بالتزام تنفيذ الشروط التي قدمها الجانب الاسرائيلي، لجهة المسافة المطلوبة لانسحاب مسلحي الحزب واخراج السلاح من المنطقة التي يشملها الاتفاق، وتسلم الجيش اللبناني بالتعاون مع قوات الامم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار، استنادا للقرار الدولي رقم١٧٠١.
لأجل هذه الاسباب، وإزاء التشدد الذي سمعه من الجانب الاسرائيلي، والعملية التي نفذتها إسرائيل فور مغادرته إلى الخارج، باستهداف دموي لوسائل اتصالات حزب الله، واسفرت عن اعداد كبيرة من الشهداء والجرحى والمصابين، ما زاد في مهمته صعوبة أكثر من قبل، اختار هوكشتاين عدم التوجه إلى لبنان بعد زيارته لإسرائيل في الوقت الحاضر، في انتظار تخفيف الاجواء المحتدمة حاليا، بين إسرائيل والحزب، للتحرك بفاعلية بين الجانبين، والتقدم باتجاه التسوية المطلوبة.