IMLebanon

الشروط: لبنان كله مجرّد ملف في مخابرات العدو

 

 

ما هو مدى الصحّة في «المعلومات» المتداولة عن الشروط الإسرائيلية التي حملها عاموس هوكشتاين الى المسؤولين اللبنانيين، الذين نفترض أنهم رفضوها جملةً وتفصيلاً… وحتى لو كان نصف ما يتم تداوله من تلك الشروط صحيحاً فإنه يكفي لتكون مرفوضةً في الشكل والمضمون، وفي تقديرنا أن الإيجابية التي أشار اليها الرئيس نبيه بري عن لقائه كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لم تكن أكثر من لغة ديبلوماسية تقتضيها موجبات اللباقة والأعراف، أي ليست مؤشراً على قبول لبناني بتلك الشروط، التي يتعذر قبولها مهما ارتفع منسوب ضغط الحرب الوحشية التي يشنها العدو على لبنان تحت عنوان القتل من دون ضوابط والتدمير من دون حدود، وفي المقابل عدم القدرة الميدانية على ردعه ولا على مجاراته في همجيته… وهذا واضح من خلال تطورات الميدان الذي تتوسع رقعة النيران فيه مستهدفة، منذ نحو عشرة أيام تقريباً، المدنيين من أطفال ونساء والمتقدِّمين في العمر، وهو ما تثبته إحداثيات العدوان على الأرض، حيث القذائف الصاروخية تستهدف القتل والتدمير الشامل من أجل دفع الناس الى نزوح شامل.

 

وصف أحد المسؤولين السابقين، أمس، مهمة هوكشتاين في فصلها الأخير قبل يومين بأنه ينطبق عليها شطر بيت الشعر الشهير: «ليتكِ لم تزني ولم تتصدّقي». وقال: بقدر ما نود أن نرى الوسيط الأميركي يستأنف جولاته، بقدر ما يصدمنا ما يحمله من شروط للعدو يحاول تمريرها على قاعدة «السُمّ في الدَسَم».

 

ويضيف: أرجو أن يكون معلوماً أنني لم أتصل، بعد، بأيٍّ من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي مستعلماً عن حقيقة ما حمله الموفَد من شروط، إلّا أنني أود أن أعترف بأن ما تناهى إليّ من مضمون تلك الزيارة يجعلني مستَفَزّاً جدّاً، لأن المعلومات (وكي أكون منصفاً لا أستطيع أن أضفي عليها الصدقية حتى إشعار آخر) لأنّ هذه المعلومات تجرّد لبنان من آخر مرتكزٍ للسيادة الوطنية وتحوّله مع اللبنانيين جميعاً الى مجرّد ملف في أدراج أجهزة المخابرات الأميركية، لأن الشروط التي تناهت إليّ تخول العدو الإشراف فالإطلاع على تفاصيل حياتنا الوطنية الإنسانية والدينية والسياسية وحتى الاجتماعية في نواحي حياتنا كلها من الألف الى الياء(…).

 

وختم المسؤول السابق كلامه بالقول: بالرغم من التجارب كلها والويلات كلها والكوارث على عظمها أقول برفض تلك الشروط إذا كان المتداوَلُ حولها صحيحاً، رحمةً بوطنٍ يستحق منا الذود عن كرامته الوطنية وسيادته، إذا كنا لا نريد أو لا نقدر أن ندافع عنه في ساح الشرف، مع تفهمي الكامل لخلافاتنا الجذرية حول هذه الحرب في منطلقها واستمرارها.