Site icon IMLebanon

ردّ الحزب في العمق أسقط مقولات قوة الردع الإسرائيلية

 

معارك مفصلية أعادت تشكيل الوعي العربي والغربي

 

حسم «حزب الله» حالة الترقّب الطويلة حول ردّه على اغتيال القائد الشهيد فؤاد شكر، فنفّذ أمس، خلال ساعات قليلة ضربات انتقائية لأهداف عسكرية في عمق فلسطين المحتلة، ظهرت نتائجها الميدانية تباعاً برغم حالة التعتيم الإعلامي والسياسي التي فرضها كيان الاحتلال على وسائل الإعلام وحتى على وزراء الحكومة.

ردّ الحزب جاء بعد تصعيد إسرائيلي كبير خلال الشهر الماضي، وركّز رد الحزب على أهداف عسكرية بحتة لا مدنية أو بنى تحتية تلافياً لرد معادٍ مماثل، واستخدم معظم الصواريخ التي أطلقها (320 صاروخا) ليس لإلهاء المواقع العسكرية الأمامية على خط الجبهة الجنوبية ولإشغال صواريخ القبة الحديدية فقط، بل لإلحاق خسائر إضافية بالعدو في مواقعه المقابلة لقرى الجنوب الحدودية، واستخدم المسيّرات (نحو 30 مُسيّرة حسبما تردد) لضرب الأهداف العسكرية في العمق الفلسطيني، والتي قال إعلام العدو الإسرائيلي انها شملت مراكز قيادات «الاستخبارات العسكرية والموساد والشاباك والوحدة ٨٢٠٠ المختصة بالتنصت والاستعلام» في تل أبيب. هذا عدا ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته مساء أمس عن أهداف ونتائج الرد والمرحلة المقبلة.

 

وفي أهمية الرد أنه تلافى جرّه الى حرب واسعة طالما فكرت قيادات العدو اليمينية المتطرفة باللجوء إليها لإبعاد خطر المقاومة عن حدود فلسطين المحتلة الشمالية، وذلك في حال استخدم الحزب أسلوب العدو بإستهداف المناطق المدنية، لكنه نزع هذه الحجة من يد إسرائيل ودفعها الى الرد على الرد بغارات على مواقع قال انها عسكرية للحزب وتقع في أطراف القرى أو على التلال البعيدة.

في المحصلة أسقط الرد الكثيف والموصوف بأنه «ردّ أوّلي» كل مقولات الردع الإسرائيلي بعد الاعتداءات التي شملت الضاحية الجنوبية وصيدا والبقاع ومناطق جنوبية بعيدة عن خطوط التماس، إذ طال القصف بالمسيّرات والصواريخ عمق الكيان الإسرائيلي ووضع المواجهة على مسار آخر ومعادلات جديدة تدفع العدو الى إعادة حساباته، وتضع حليفه الأميركي أمام صورة ميدانية وسياسية جديدة يجب أخذها بعين الاعتبار وإسقاط تفاصيلها وانعكاساتها على الكيان الإسرائيلي بردعه فعليا عن خوض مزيد من المغامرات هذه المرة، وليس فقط الضغط على لبنان ومحور المقاومة.

 

هذا الرد اللبناني، يأتي في سياق عسكري وسياسي قد يكون مختلفاً عن رد إيران المرتقب على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران، لكنه يأتي ضمن معركة طوفان الأقصى وما تلاها، والتي يصفها بعض المراقبين والمتابعين بأنها ليست معركة تحرير كبرى، بل هي معركة مفصلية في سياق معارك تحرير فلسطين.

وأهمية هذه المعارك المفصلية انها تغيّر كل شيء في الوعي العربي والإسلامي والعالمي، لكن المشكلة ان موقف أميركا والغرب عموما لم يتغيّر جوهريا من طبيعة الصراع مع الكيان الإسرائيلي، ولن يتغيّر إلّا بتغيير عميق في وعي الرأي العام الغربي لتغيير سياسات بلاده. وما يجري في دول العالم ولا سيما الحراك الطالبي والشعبي الأميركي ربما يكون بداية التغيير المرتقب.

ولعل المرشحة للرئاسة الأميركية كامالا هاريس استشعرت نبض الرأي العام الأميركي والغربي عموماً، حيث وازنت في كلمتها خلال المؤتمر العام للحزب الديموقراطي الذي أعلن ترشيحها رسميا لرئاسة الدولة، بين «التعهد بمواصلة حماية إسرائيل وبين ضرورة إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه للعيش بكرامة وإقامة دولته». وهي المرة الأولى التي نسمع فيها مثل هذا الكلام الأميركي المباشر.

هي حرب استنزاف طويلة ومكلفة لإسرائيل قد تطول سنة لكن تأثيراتها ستكون بتراكم الانجازات العسكرية والسياسية. ويبقى ترقّب الموقف العربي الرسمي هل يتفاعل مع ما تحقق من انهيار إسرائيل على كل المستويات لا سيما بعد التغيير في أوساط اليهود غير المتشددين. لكن المشكلة كيف يمكن تأطير هذا الطوفان السياسي الشعبي اللبناني والعربي والدولي واستثماره استنادا الى نتائج المواجهات والمجازر؟!