نخيف حزب الله ولبنان أم لا نخيفهما؟ تلك هي المسألة الاسرائيلية كما عبّر عنها الرئيس السابق لمجلس الامن القومي في اسرائيل، الجنرال غيورا ايلاند.
ففي مقالة في صحيفة «يديعوت احرونوت»، امس، اكد ايلاند ان الانشغال بالانتخابات المقبلة للكنيست يجب الا ينسي اصحاب القرار في تل ابيب ان عليهم توجيه التهديدات إلى لبنان وإلى بنيته التحتية كي يرتدع حزب الله عن المبادرة الى ضرب اسرائيل. وسبب خشية ايلاند تراجع منسوب الردع تجاه حزب الله، كما تشير تقديرات الاستخبارات الاسرائيلية.
وقد ترجم ذلك في اكثر من مناسبة، على شاكلة عمليات بادر اليها الحزب ضد اسرائيل، ردا على اعتداءاتها في الاراضي اللبنانية. ايلاند، الذي ادخل ايضا حركة حماس في قطاع غزة ضمن دائرة التهديدات المحدقة باسرائيل، نصح بضرورة ادراج الساحتين على جدول الاعمال العام في الدولة العبرية، لأن من شأن هذا التهديد (حزب الله) ان يخلق مفاجآت امنية، و«ذلك فضلا عن المتابعة الاستخبارية، وامور اخرى غير استخبارية، يجدر المبادرة اليها وتفعيلها في الساحتين»: لبنان وغزة.
ولفت الضابط الاسرائيلي الى أن الهدوء الامني على الحدود اللبنانية منذ اكثر من ثماني سنوات ليس مضموناً، وهو بقي كذلك طوال السنوات الماضية، لان قدرة الردع الاسرائيلية كانت قائمة وفاعلة، وبسبب الحذر والدراسة الجيدة للهجمات المنسوبة لاسرائيل في سوريا، وايضاً لان حزب الله مشغول بالقتال الدائر هناك، لكنه أضاف سبباً اخر، وهو رغبة ايران في التوصل الى اتفاق مع القوى العظمى، في ما يتعلق ببرنامجها النووي، ليصل الى التحذير المبني على التوقعات الاسوأ: «كل ذلك من شأنه ان يتغير بسهولة».
وتساءل ايلاند كيف يمكن ضمان الهدوء على طول الحدود مع لبنان، إذا اختفت العوامل التي من شأنها ان تكبح حزب الله؟ ليجيب بأن هناك أمراً واحداً يمكن تل ابيب أن تفعله: ان تشرح للعالم قبل فوات الاوان أنه إذا فتح حزب الله النار باتجاهها، فان ذلك لن يؤدي الى مواجهة بين اسرائيل والحزب فقط، بل ايضا بين اسرائيل وكل لبنان، و«نتائج هذه المواجهة ستتسبب بدمار هائل في هذا البلد… ولان احدا لا يريد ذلك، لا سوريا ولا ايران ولا الدول العربية ولا ايضا فرنسا والولايات المتحدة، فإن ذلك قد يؤدي الى كبح متواصل للحزب، ومنعه من الاضرار باسرائيل». وذكّر بأنه عام 2006، قبل ثلاثة اشهر على نشوب الحرب، توجه رئيس الحكومة في حينه، ايهود اولمرت، الى واشنطن للقاء الرئيس الاميركي السابق، جورج بوش، وحمل معه موضوعين كانا على جدول اعمال اسرائيل: ايران والفلسطينيون. وكان هناك من طرح على اولمرت ان يدرج ايضا الخطر المحدق من لبنان، لكنه اعتقد في حينه انه خطر يمكن ان يبحث مع الادارة الاميركية في الزيارة المقبلة، «ولكن بعد ثلاثة اشهر فقط، نشبت الحرب، وكان الشرح والمداولة متأخرين». وختم ايلاند مقاله: «قال رئيس اركان الجيش الاسرائيلي السابق، امنون شاحاك، ذات مرة اننا نحن الاسرائيليين، نشبه شخصا يسير في الظلام وهو يحمل فانوسا مطفأ، وحالما يصطدم بعائق ويسقط على وجهه ويمرغ انفه في الوحل، يعود ليسأل نفسه كيف يمكن بحق الجحيم ان نخرج من هذا المأزق. وفي موضوعي غزة ولبنان، من السليم ان نبادر قبل ان نتمرغ في الوحول».
اضافة الى ذلك، اكدت صحيفة «يديعوت احرونوت» ان «معجزة» تراجع اسعار النفط يخدم المصلحة الاسرائيلية، ومن شأنه ان يؤثر ايجابا في الامن القومي لاسرائيل، لكن بشرط ان يتصرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باعتدال، وان تبقى أسعار النفط متدنية لفترة طويلة. واشارت الصحيفة الى ان روسيا تحتل العناوين كجهة اكثر تأثرا بتراجع اسعار النفط، ولكن، من ناحية عملية، فان المتضرر الرئيسي هو ايران، الامر الذي سيدفعها الى لجم حزب الله والرئيس السوري بشار الاسد، ويمنعهما من التورط اكثر في مواجهة واسعة مع اسرائيل، ربطا بالكلفة الاقتصادية لمواجهة كهذه.