نفى حزب الله باقتضاب شديد «الفرمان» الحربي الذي نقله الكاتب عبد الباري عطوان عن لسان النائب نواف الموسوي، لكن ما يلفت النظر في هذا النفي أنّه في شهر كانون الثاني الماضي نشرت تقارير هي أقرب إلى ما نقله عطوان عن الموسوي عن موعد اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل بعد 3 أيار موعد بدء تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأميركيّة بمنع إيران من تصدير برميل نفط، فهل ستكون المنطقة على موعد مع حرب «عليّ وعلى أعدائي» فتدمّر إيران المنطقة؟ وهل الحرب في هذا الموعد مناسبة جداً لبنيامين نتانياهو فمنسوب العدوانيّة والهروب إلى الحرب سيناريو إسرائيلي معهود، وما بين الطرفين ما هو وضع لبنان وهل سيتفرّج حزب الله أم سيورّط لبنان مجدداً؟ وما الذي دار في اجتماع الساعات الخمس الذي جمع نواف الموسوي وآخرين بأمين عام حزب الله حسن نصرالله؟
هل يكون الجولان مبرّر اندلاع الحرب وكتغطية على المصلحة الإيرانيّة المباشرة من اندلاع الحرب لتغيير الواقع الأميركي المفروض عليها بقوة العقوبات؟ في كانون الثاني الماضي نشر موقع معهد السلام الأميركي USAB تقريراً «حذّر فيه من أن إيران وإسرائيل تتجهان نحو مواجهة كبرى في سوريا»، كما لفت المعهد إلى «وجود احتمالات بأن تتحوّل حروب الظلّ في سوريا إلى حرب إقليمية مفتوحة» واللافت في التقرير أنّ «إسرائيل تفضّل مواجهة «حزب الله» وإيران في سوريا وليس في لبنان، فهل سنكون بالفعل بمنأى عن التورط في هكذا مواجهة إن اندلعت، بالرّغم من التهديد الإيراني الدائم لإسرائيل بصواريخ حزب الله؟ وهل يؤمن جانب حزب الله في ادّعائه أن كلام عبد الباري عطوان غير صحيح؟ خصوصاً مع التأكد بالتجربة أنّ كلمة واحدة من مرشد الجمهورية الإيرانيّة علي الخامنئي لأمين عام حزب الله حسن نصرالله قد تودي بلبنان وشعبه إلى جهنم، فاستدعاء نصرالله إلى طهران وتوجيه الأمر لخوض الحرب في سوريا دفاعاً عن مكتسبات ومصالح إيران ما زالت ماثلة أمام أعين اللبنانيين!
في مقاله كتب عبد الباري عطوان «خرجنا من اللّقاء أنا والزميل كمال خلف، المُقدّم اللّامع في قناة الميادين بكَمٍّ هائلٍ من المعلومات والتّحليلات سنَعكِسها مُستقبلًا في بعض مقالاتنا حتماً»، والمخيف في المعلومات التي أشار إليها عطوان نقلاً عن «اجتماع الساعات الخمس» أنه ألقى صورة حسن نصرالله على كلام الموسوي، قاصداً بالرّمز والإشارة «الوعد الصادق»، وأضفى حرفيّة فيما نقل عن الموسوي أنّه «قال بالحرف الواحد» إنّ «الرّد العسكريّ سيكون حتمياً، ومهما كانت النّتائج، أمّا أين سيكون الرّد وكيف؟ فهذا ما رفَض الحديث عنه، وقال إنّ هذا سيكون متروكًا للعسكريّين، ولكنّه لم يستبعِد أن يكون حزب الله وآخَرين في قلب المعركة»، 3 أيار على مرمى شهر، ومن المؤسف أننا أمام حكومة ورؤساء يدفنون رؤوسهم في الرمل، هل فكّر أحد من هؤلاء أن يساءل حزب الله عن نفيه الغامض والمقتضب، وكأن ما نقله عطوان كلام عابر لا تترتب عليه كوارث كبرى قد تدمّر لبنان عن بكرة أبيه؟
يعرف القاصي والداني في لبنان أنّ قرار الحرب والسلم ليس في يد الدولة اللبنانيّة ولا مجلس الوزراء مجتمعاً، وحزب الله «مأمور» لإيران ومصالحها وأجنداتها، وأنّ قرار الحرب هو بين شفتي المرشد علي الخامنئي، وللمناسبة النائب نواف الموسوي قال الحقيقة لعطوان، ونفي حزب الله تقيّة جرّبها اللبنانيّون منذ الوعد على طاولة حوار العام 2006 بصيف هادىء!