حجم الخط
بعد ثلاثة أسابيع على الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة، بات واضحاً تخبط القادة الاسرائيليين وارتباكهم بينما يمعنون في القتل عبر آلتهم الحربية المتفوقة.
في كل محطة في هذا الصراع يتعزز ما هو مثبت أصلا بأن لا مجال للتعايش على أرض أصحابها كانوا وسيبقون الفلسطينيين الذين ذاقوا مرارة النكبة قبل 75 عاما وهم يصرون على التصدي لها واجهاضها في مهدها اليوم رفضا لأي ترانسفير جديد جاءت دول عربية هذه المرة، وفي شكل مفاجىء لكن شجاع، لترفضه بلهجة قاسية تجاه الاسرائيلي الذي ربطتها معه معاهدة سلام، كما تجاه العالم الذي بدأ بعد أيام على المجازر تعديل رؤيته تجاه ما يحدث بعد تبني الرواية الإسرائيلية في الأيام الاولى..
وبعيدا عن التحليلات العسكرية المُعادة التي تعتمد على التنجيم أكثر منها على الواقع في ظل العجز الاسرائيلي عن اجتياح غزة واسقاط حركة “حماس” كما يؤكد قادته، فإن المنطق يشير إلى ان الدخول في الأسبوع الرابع للحرب يأتي بالمزيد من الإرباك على الاسرائيلي المضبوط أميركيا ودوليا حتى اللحظة على أمل تحقيق خرق في مسألة الرهائن اصحاب الجنسيات الاميركية والغربية.
ومن يقف متوهلا التهديدات الإسرائيلية ليس عليه سوى استرجاع كلمات قادة العدو خلال حرب تموز 2006 التي تدرجت من تدمير “حزب الله” ورفع شعار القرار الدولي تحت البند السابع وصولاً إلى القرار 1701 فارغ المضمون على الأرض ومن ثم التخلي عن مطلب إطلاق الجنود الذين اختطفهم الحزب في 12 تموز من ذلك العام في عملية مهدت لتلك الحرب.
الحراجة الإسرائيلية التي أصابت القادة اليمينيين في مقتل تمثلت في ان عملية “حماس”، كما يشير مقربون من الحركة، أسقطت في اقتحامها غلاف غزة المنظومة الأمنية والعسكرية في دقائق ست!
وبغض النظر عما إذا كان هذا صحيحا أم مبالغاً به، فإن الانهيار الاسرائيلي أكيد، مثلما ان سرعته أكيدة ايضا!
هذا لم يحدث حتى في حرب العام 1973 بما يشير الى انه الاول منذ نشوء إسرائيل في العام 1948. والطامة الكبرى لدى القادة الإسرائيليين انه حدث من تنظيم صغير وليس على يد دولة ذات جيش منظم وكبير.
يؤكد القادة الإسرائيليون أن ما بعد 7 تشرين الأول لن يكون كما قبله، ويؤكد الحماسيون هذا الامر بأن المعادلة الجديدة هي على هذا المسار مع مطالبة العرب بأكثر مما فعلوه عبر قطع العلاقات مع إسرائيل وصولاً إلى فتح الحدود وتقديم الدعم بالمال والسلاح وبكل ما تيسر وهو ما يسري على الحلفاء في المحور كـ”حزب الله” الذي يطالبه حماسيون كثر، مع إبداء التقدير لموقفه، بالمزيد، من دون مراعاة ظروف الحزب، والأهم، ظروف لبنان الذي يقع تحت مجاعة كبرى هي الاولى منذ ما قبل نشوء الكيان اللبناني ولن تفعل الحرب سوى في تعميق مأساته.
المخاوف اللبنانية من اتساع رقعة الحرب سوف تتعزز إذا ما صدق ما يُنقل عن ديبلوماسيين غربيين يتحدثون بإسهاب عن الجنون الإسرائيلي وينقلون عرضا غربيا لـ”حماس”، عبر قطر، يقضي بانتقال قادة كبار من الحركة إلى مخيمات اللجوء في لبنان، في مقابل ليونة إسرائيلية في الحرب على غزة.
ويذهب البعض إلى نقل هؤلاء القادة مع مناصرين لـ”حماس” الى لبنان في تجربة تستحضر ترحيل “منظمة التحرير الفلسطينية” من لبنان العام 1982، إلى تونس ودول عربية.
طبعا فإن قياسا مع الفارق يشوب تلك المقارنة التي يغيب عنها ان الفلسطينيين كانوا حينها في بحر متمايز عنهم وكان نحو نصف اللبنانيين رافعين للسلاح في وجههم بينما تسبح “حماس” اليوم في بحر شعبي مؤيد لها وفي بيئة تؤمن بالقضية المشتركة وتزداد قناعة مع كل مجزرة، وليست مقاومة الترانسفير سوى مثالا بسيطا وحيا على ذلك.
على أن الاقتراح الاول كان مؤكدا ورفضته “حماس” وهو كان سيُرفض من قبل لبنان إذ حمل الاقتراح تهديدا محتملا للبنانيين حتى بدا تهديدا اسرائيليا أجوف ولو بلحن غربي لكي يكتسب مصداقية.
في كل الأحوال الأيام حُبلى بالمزيد في حرب لن تنتهي قريباً.