وفق معلومات خاصة استبعد «الباحث في الأمن الدولي والإرهاب ورئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ألمانيا وهولندا ECCI الدكتور «جاسم محمد» ان تكون الهجمات الإسرائيلية الحالية على لبنان فاتحة الى حرب واسعة بسبب الضغوطات الأميركية والرأي العام وان ما يحدث في لبنان هو امتداد الى غزة ومحاولة إسرائيلية لنقل انتباه العالم الى لبنان أكثر من غزة
أما موضوع عودة المستوطنين فيجد انها مستبعدة في الوقت الحاضر.
يبدوا ان تل أبيب تبنّت مؤخراً في لبنان ما رفضته في غزة وهو عرض واشنطن بالاستعاضة عن الحرب التقليدية واجتياح لبنان بريا الخيارات البديلة وقد شهد لبنان عيّنة منها في تفجيرات «البيجر» وأخواتها.
سبق وقدّم وزير الدفاع الأميركي «لويد اوستن» الخطوط العريضة للنهج البديل لإدارة بايدن لعملية قتالية كبيرة في رفح، حسبما أفاد مسؤول رفيع بالبنتاغون موضحاً أن النقاط الرئيسية تتمثل في «التركيز على الاستهداف الدقيق الذي يهدف إلى استئصال قيادة (حماس)، وطبقاً لما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، أن «الإسرائيليين كانوا متقبلين للأولويات التي أثارها أوستن، وأنه ستكون هناك اجتماعات إضافية في المستقبل». يبدو ان نتائج الاجتماعات الثنائية المستقبلية أفضت لما نشهده الآن في لبنان.
برأي إدارة «بايدن» استراتيجية «الردع والدبلوماسية» كفيلة بمنع كارثة بالشرق الأوسط حيث النمط الجديد من المعارك بالاستهدافات الدقيقة لقيادات المقاومة وترسانتها العسكرية أهمها الاتصالات والصواريخ الدقيقة بما يعني سقوط ضحايا مدنيين أقل وكذا المنشآت من شأن ذلك أن يخفف الضغوط الدولية على إدارة بايدن ويمكنها من ضبط جنون نتنياهو وردع طهران بشكل كبير وبالتالي تنخفض عوامل وفرص الانزلاق إلى الحرب الشاملة التي ترفضها أميركا والغرب عموما لا سيما تجاه لبنان الذي لا يزال يحظى بالاهتمام «الفرنسي – السعودي» خصوصا.
هذا السيناريو يبقي الحوار مفتوحاً في الدوحة بين الوسطاء كما ان الدبلوماسية السويسرية لا تزال نشطة بين واشنطن وطهران من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بتكثيف الضغط العسكري.
في مقال رأي لكاتب العمود الشهير بصحيفة «واشنطن بوست»، ديفيد أغناتيوس، سلّط الأخير الضوء على الجهود التي يبذلها بايدن لنزع فتيل الحرب الإقليمية المحتملة قبيل مغادرته البيت الأبيض. وتضمنت تلك الجهود محادثات مباشرة مع إسرائيل واتصالات سرية من البيت الأبيض مع طهران عبر سفارة سويسرا بطهران والبعثة الإيرانية في الأمم المتحدة.
من المستبعد أن تغامر إسرائيل بدخول حرب برية شاملة مع لبنان، لأن جيشها أنهِك وتعرّض لخسائر كبيرة في قطاع غزة، حيث كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الجيش الإسرائيلي قرّر نقل الفرقة «98» عقب تفجيرات «البيجر» إلى الحدود الشمالية استعدادا لإمكانية اتساع رقعة الحرب مع حزب الله، وقالت إن هذه الفرقة تُعدّ إحدى أبرز فرق النخبة في الجيش وتشارك بحرب غزة.
من المعلوم إن إسرائيل لديها فرقتان في الشمال هما، الفرقة «91» التي تمسك الحدود مع لبنان والفرقة «210» التي تمسك الحدود مع سوريا، وهي فرق حارسة للأرض، ولا يمكنها أن تكون قوة مقاتلة يعتمد عليها في القتال وإدارة معارك هجومية أو دفاعية، وهناك بعض الفرق الإسرائيلية، ومنها الفرقة «36» استخدمت في قطاع غزة واستهلكت بشكل كبير جدا، وتعرضت لخسائر.
أي أن جيش الاحتلال لديه الآن ما يقارب 3 إلى 4 فرق قتالية يمكن له أن يدخل بها الحرب مع لبنان، لكنها لن تكون حربا شاملة بل محدودة في مواقع جغرافية محددة، لأن جيش الاحتلال لا يملك الإمكانيات والقدرات لخوض حرب برية مع لبنان.
ووفقاً لشلومو شبيرو، الخبير الإسرائيلي، فإن الهجوم على حزب الله كان «الرسالة الأخيرة والملاذ الأخير قبل حرب كبرى». ويضيف أن إسرائيل أرادت إظهار قدرتها على إلحاق ضرر كبير بحزب الله دون أن يكون ذلك بالضرورة مقدمة لحرب واسعة.
من جانبه، شكّك يوسي ميلمان، مؤلف متخصص في المخابرات الإسرائيلية، في جدوى الهجوم من الناحية الإستراتيجية. في حين أن الهجوم أظهر قدرة إسرائيل على ضرب قلب حزب الله، إلّا أنه لا يغيّر الصورة الاستراتيجية العامة بشكل كبير، وفقاً لميلمان الذي وصف الهجوم بأنه «علامة على الذعر». بالمقابل، يصف شبيرو النهج الإسرائيلي بأنه دقيق للغاية، مؤكداً أن الأجهزة التي استُخدمت في الهجوم كانت تُستخدم حصرياً لحزب الله، وأنها ساعدت إسرائيل في الوصول إلى أهم الشخصيات في حزب الله.
ومن جهة أخرى، حزب الله سيتمهّل في ردّه على إسرائيل، لانه حاليا بصدد تقييم الأضرار التي حصلت جراء تفجير أجهزة الاتصال الخاصة به، وإعادة بناء قوته مرة أخرى، وهو ما يعني أن الحزب لن يقوم في الوقت الحالي بالرد على إسرائيل التي يتهمها بالوقوف وراء تفجيرات «البيجر».
يذهب «ديفيد شينكر» مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى الاسبق في مقالته «ما وراء الخطة الأميركية لمنع حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» الى أن المبادرة الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة لفصل قواتهما على الحدود لم تحقق غايتها، والوقت ينفذ بسرعة».
تتمثل استراتيجية إدارة بايدن لمنع هذه الحرب في مبادرة دبلوماسية يقودها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين للفصل بين القوات الخاصة الإسرائيلية ووحدات القوات الخاصة التابعة لـ «حزب الله» المعروفة باسم «الرضوان» يتلخص الحل الذي يقترحه هوكشتاين في إحياء وتنفيذ نسخة معدّلة من «قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701» الذي أنهى فعلياً الحرب بين إسرائيل و «حزب الله» في عام 2006، والآن، يسعى هوكشتاين إلى التوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه أن يؤدي إلى انتقال قوات «حزب الله» إلى مسافة تبعد حوالي 7 كيلومترات شمال الحدود – إلى نهر الليطاني تقريباً – ونشر عدة آلاف من جنود الجيش اللبناني ليحلّوا محلهم. وفي الوقت نفسه، وفقاً للخطة، ستنهي إسرائيل تحليقات الطائرات والمسيّرات فوق لبنان، وستبدأ إسرائيل ولبنان مناقشات حول النقاط الحدودية المتنازع عليها على طول ما يسمّى بـ «الخط الأزرق»، مما قد يؤدّي إلى إعادة توحيد بلدة «الغجر» المتنازع عليها لصالح لبنان. وأخيراً، وفقاً لاقتراح هوكشتاين، سيتم تعزيز قوات «اليونيفيل» المنتشرة في جنوب لبنان، والتي يبلغ قوامها 13 ألف جندي، إلّا انه لا يبدو أن مبادرة هوكشتاين تكتسب المزيد من الاهتمام. ويُشكّل التوقيت جزء كبير من المشكلة.
مع ذلك، لا يزال «شنكر» يعتقد أنه من الممكن تجنّب الحرب. ووفقاً لبعض التقارير، إن إسرائيل هي في المراحل النهائية من حملتها العسكرية في رفح، ومن المتوقع أن تعلن نهاية «العمليات القتالية الكبرى» في الأسابيع المقبلة. ولكن من دون وقف رسمي لإطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، فمن غير المرجح أن يتوقف «حزب الله» عن عملياته بشكل كامل، وخاصة إذا استمرت إسرائيل، كما هو متوقع، في «توجيه ضربات» في غزة، واستهداف دوري لتشكيلات «حماس» التي عادت إلى الظهور.
يعتقد ان حزب الله سيتحرك استراتيجياً لاستعادة توازنه الاستخباراتي، مع احتمال أن يحاول الردّ بعملية استخباراتية نوعية ضد إسرائيل. أما على مستوى سياسي، فمن المتوقع أن يحصل لبنان، على تعاطف دولي باعتبار ما يشهده لبنان من حروب هجينة، هي تهديد وخرق للأمن العالمي.
القراءة إياها ترجيحية ولا تعطي ضمانات بالمطلق فالشبق الإسرائيلي نحو تحقيق إسرائيل الكبرى وتهويد كامل الأرض الفلسطينية يجري على قدم وساق في الوقت الأميركي الضائع في ظل سباق «ترامب – هاريس» نحو البيت الأبيض. وهذا ما يفسر تحويل الانتباه من غزة إلى لبنان رغم المخاطر الكبيرة من ردة فعل الأسد الجريح حزب الله.
ففي الوقت الذي ضاعفت إسرائيل من مجازرها في غزة والضفة تراجع الاهتمام السياسي والدبلوماسي والإعلاميين حول ما يجري في فلسطين. بل ان غزل إيران للغرب على لسان رئيسها «مسعود بزشكيان» تصاعد بالتوازي مع التصعيد الإسرائيلي بحيث تحيل بعض التسريبات السياسية والإعلامية ذلك إلى ما يمكن أن تكون تغييرات دراماتيكية في السياسة الخارجية الإيرانية في إشارة إلى تصريحات المرشد الأعلى خامنئي حول تبرير التراجعات التكتيكية أمام العدو والتي ربما بدأ التمهيد لها بتصفية الصقور ليس فقط في طهران بل في عموم المحور منذ اغتيال سليماني في مطار بغداد إلى خلية القنصلية الإيرانية بدمشق مرورا بتصفية إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري، وصولا لما يحدث من استباح إسرائيلية لضاحية بيروت الجنوبية تتويجا بخلافة «مسعود بزشكيان لإبراهيم رئيسي وعباس عراقجي لحسين أمير عبد اللهيان» وفق رؤية العرّاب الجديد في طهران وزير الخارجية الأسبق محمد «جواد ظريف» الذي يتمتع بعلاقات واسعة مع الغرب ومع اعتلال صحة المرشد الأعلى خامنئي يبدو أن الأخير يريد أن تستقر الأمور لخليفته والمرح أن يكون ابن المرشد الحالي «مجتبى خامنئي» برضى واشنطن والغرب.
في هذا الاتجاه يمكن المقارنة بين مصر وإيران فترة تحوّل القاهرة زمن السادات ما بعد عبد الناصر إلى المعسكر الغربي بقيادة أميركا عندما طرد السادات المستشارين من الاتحاد السوفيتي بعد حربي 1967 و1973 فهل تتخلّى إيران عن حلفائها في كل من لبنان واليمن والعراق وفق نفس سيناريو كامب دايفد فتستعيد تل أبيب صيفها الهندي في طهران أيام الشاه وتنشر التطبيع الإبراهيمي الجديد من أوسع أبوابه الفارسية بدل العربية منها طالما العداء يقتصر على الجبهتين «الحسينية واليزيدية» حسب تصريحات الخامنئي نفسه.
لما لا انه زمن السينوغرافيا وتاهت الكلمات وسيلان الحروف في الشرق الأوسط الجديد، حيث الصراع على أشدّه بين الذكائين الاصطناعي والعاطفي، من هنا ارتفعت أصوات لبنانية تطالب رئيس المجلس النيابي نبيه بري بضرورة إغتنام الفرصة وتوجيه الدعوة إلى مؤتمر وطني مصغّر تشارك فيه قيادات من الصفّ الأوّل يقرّر: تفويض الحكومة بالمباشرة باتصالات دولية لتطبيق القرار ١٧٠١ فوراً – فكّ الارتباط بين جنوب لبنان وحرب غزّة – إقرار ترتيبات لانتخاب رئيس جمهورية حيادي فوراً بما يضمن تراجع حزب الله، بغطاء وطني شامل.
في الجهة المقابلة لا يرى حزب الله نفسه مهزوماً بل ربما منتصراً بالنقاط حتى الآن رغم الضربات الأخيرة المؤلمة فضلاً عن قناعاته الايديولوجية رغم واقعيته السياسية وعليه يمكن اتهام اصحاب الرأي الآخر بأنهم لا يعرفون حقيقة المقاومة.