بعد الردّ الإيراني… تصعيد أم تهدئة وأين يُمكن أن يأتي الردّ “الإسرائيلي”؟
تتعدد السيناريوهات حول ما ينتظر جبهات الصراع الإقليمية بعد الرد الإيراني على هجوم “إسرائيل” على القتصلية الإيرانية في دمشق، ويتحدث المحلل الإستراتيجي والعميد المتقاعد ناجي ملاعب لـ “الديار” محدداً عدة احتمالات أمام “إسرائيل”، التي تعلن أنها ستقوم بالرد على الردّ الإيراني. ويركز على احتمال أن “تشارك القيادة الوسطى الأميركية، التي قادت ردّ الدفاع الجوي على الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، أي أنها هي من قاد هذا الدفاع الجوي، ما يجعلها ستقود أيضاً أي رد مستقبلي على “إسرائيل” باتجاه إيران. بالتالي، سيكون هناك رد إيراني أقوى بكثير من الرد الخفيف والمعلن عنه سابقاً”.
وهنا يسأل: “هل تتحمل “إسرائيل” رداً قوياً؟ لا سيما وأنها أصبحت مرهونة بقرار القيادة الوسطى الأميركية، بمعنى أنه مهما اجتمعت حكومة الحرب “الإسرائيلية” تحت الأرض وفوق الأرض، فإن القرار لم يعد بيدها من الآن فصاعداً، لأن قواعد الإشتباك قد تغيرت”.
في المقابل، يعتبر أنه “طالما أن إيران التي اضطرت إلى الرد على العملية “الإسرائيلية”، قد أصبحت في الواجهة بعدما كانت تقاتل من الخلف، فإن السؤال الثاني المطروح هو: هل ستبقى في المواجهة وفي المواقع الأمامية”؟ ليستطرد موضحاً أنه لا يعتقد ذلك، ومشيراً إلى أن “إيران أعلنت إنهاء عملية الردّ، وبالنسبة لها فإن “إسرائيل” ضربت أراضٍ إيرانية، وقد سلكت إيران الطريق الديبلوماسي، ولكن ذلك لم ينفع، لذلك قامت بالرد وانتهى دورها عند هذا الحد”.
وبالتالي، يكشف ملاعب أن “الإحتمال الثاني، هو أن إيران ستعود اليوم إلى قيادة المحور، بمعنى أنها ستبقى في الخلف، طالما أنها ظهير للمقاومة، وهنا يمكن أن يحصل السيناريو التالي، حيث أن إسرائيل، ومقابل عدم الردّ، سوف تستجدي من الولايات المتحدة الموافقة على إنهاء التهديد من الشمال، وهو ما كانت قد وعدت به واشنطن، بمعنى أن تقوم إسرائيل بعملية في الجنوب اللبناني، وذلك حفاظاً لماء الوجه، ولذلك قد تكون توغّلت في الجنوب اللبناني، ونظّفت الأراضي وانسحبت”.
ومن الناحية العملية، يعتبر العميد ملاعب أن “هذا السيناريو ممكن، وقد حصل بالأمس من خلال انفجار اللغم بمجموعة من لواء “غولاني”، اجتازت الحدود إلى الأراضي اللبنانية حيث أصيب أربعة منهم بلغم أرضي، وبالتالي فإن ما حصل هو نذير بأن إسرائيل تحاول استطلاع الأرض والمحاور التي من الممكن أن تدخل منها إلى الجنوب اللبناني، لأن ما تخشاه إسرائيل ليس السبع كيلومترات التي تطالب بأن يتراجع حزب الله إلى ورائها، ذلك أنه بوجود القبة الحديدية فإن إسرائيل قادرة على إعادة الصواريخ القريبة والأفقية التي يطلقها حزب الله، بعدما تكون قد التقطت الذبذبات وشغّلت الرادار، أي أنها تستغرق بعض الوقت لكنها قادرة على التعامل مع الصواريخ من مسافة 8 كيلومتر وما بعد”.
وعن الهدف الإسرائيلي من هذا التوغل، يتوقع العميد ملاعب، أنه “من الممكن أن تكون تريد القول للداخل الإسرائيلي بأنها دخلت إلى العمق اللبناني وردّت على إيران، لأن ما تخشاه إسرائيل في منطقة السبعة كيلومترات، هو أن يكون هناك 7 أكتوبر جديد، إذ لن يعود أي نازح من نازحي شمال إسرائيل، طالما أن قوة الرضوان تستطيع التمركز على الحدود مع إسرائيل، ولذلك فإنها تحاول أن تكون هناك أرض محروقة تمنع قوة الرضوان من أن تشكل خطراً على المستوطنين الذين قد يعودون في حال أمّنت لهم إسرائيل الظروف الملائمة لهذه العودة”.
ولكن العميد ملاعب يشدد على تصاعد المواقف الإسرائيلية والأميركية التي تنتقد تصرفات نتنياهو بهروبه إلى الأمام، مشيراً إلى أنه “حتى لو قام بعملية في رفح، علماً أنه لن يستطيع الدخول إلى رفح إن لم توافق واشنطن على ذلك، إلاّ أنه قد يلجأ إلى خلق متنفّس له في جنوب لبنان، من خلال التوغل والخروج، وهذا الإحتمال يبقى أكثر من وارد في المرحلة المقبلة”.