التحذيرات الاسرائيلية خلال السنوات الاربع الاخيرة، تركزت كلها على نقل السلاح الذي يوصف بـ«الكاسر للتوازن» من سوريا الى حزب الله، واللافت، كان في تهديد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عبر السي ان ان، بأن تل ابيب ستتحرك في حال محاولة حزب الله نقل «اسلحة نووية» عبر سوريا الى لبنان، يبقى مصدرها حتى الساعة مجهولا، رغم تقدير الخبراء العسكريين الاسرائىليين بان مصدرها قد يكون على الارجح روسيا، سواء بطريقة شرعية ام لا، الامر الذي قد يصبح اكثر وضوحا اذا ما ربط الكلام بتصريحه ان روسيا اصبحت على حدود اسرائيل، بعدما اعترف من على منبر الامم المتحدة الخميس الماضي، وفق أفضل التقديرات الاستخبارية، بأن منظومات دفاع جوي متطورة من نوع «اي اس 22» باتت في حوزة حزب الله، بعد صواريخ ارض ــــ ارض «فاتح 110 بكل عياراته» الدقيقة والمدمرة ، وصواريخ «ياخونت» الروسية القادرة على استهداف السفن البحرية، اضافة الى طائرات هجومية من دون طيار قادرة على اصابة اي نقطة في اسرائيل.
وبحسب الخبراء الاسرائيليين، يمكن تشغيل منظومة الدفاع الجوي «اس.اس.200» المعروفة باسم «بانتسير أس .1»، في وضعيات ثابتة تماماً أو من على عربات متحركة، متميزة بسرعة الصواريخ التي تصل الى ألف وثلاثمئة متر في الثانية وبتعدد وظائفها، تحمل كل «بطارية» مدفعاً من عيار ثلاثين ملليمترا واثنتي عشرة قذيفة أرض- جو، برأس حربي متشظٍ يزن كيلوغراماً واحدا، واجمالي وزن 65 كلغ عند الاطلاق، بسرعة تصل الى ألف ومئة متر في الثانية، ومدى يصل إلى 12 كلم يطال الطائرات المحلقة على ارتفاع منخفض. كما تتضمن المنظومة رادارات تعقب تكشْف الهدف وتتعقبه في الجو على بعد 30 كلم، ما يجعله قادرا على مجابهة جميع أنواع التهديدات المعادية سواء كانت طائرات مقاتلة مروحيات طائرات من دون طيار، أو صواريخ كروز كما يمكنه تدمير الأهداف البرية والبحرية ذات الدروع الخفيفة، وذلك على مدى يصل إلى 20 كلم وارتفاع حتى 15 كلم، كما يمكنه متابعة عشرين هدفاً في وقت واحد وإطلاق الصواريخ على أربعة منها.
وفقا لذلك يؤكد العسكريون ان امتلاك الحزب لتلك الصواريخ، سيوفر الحماية.
قلق اسرائىلي يكشف اهمية تلك المنظومة المتطورة التي تفوق كل ما شهدته «إسرائيل» حتى الآن من حزب الله، حيث يكشف الخبراء الاسرائيليون ان دخول تلك ويمكن بحسب التقدير الإسرائيلي، توفير الحماية الجوية لكل منظومة الصواريخ السورية ـ الإيرانية في لبنان وغرب سوريا، كما يمكنه تقييد حركة جمع المعلومات الاستخبارية، سواء من خلال طلعات الطائرات من دون طيار او الطائرات العسكرية والمروحيات، ما يعني عمليا ضرب الخطط التي تقوم عليها الاستراتيجية العسكرية الجديدة والتي تتحدث عن انزال قوات خلف خطوط العدو، كما الخشية من استهداف السفن الحربية وفرض حصار بحري على الموانئ الاسرائيلية، دون اغفال حجم التدمير الهائل الذي قد يخرج قواعد سلاح الجو والمنشآت الحيوية من الخدمة، الأمر الذي سيغير بشكل جوهري توازن القوى الاستراتيجي، من هنا يأتي ما حدده عدد من المسؤولين الإسرائيليين بأن إدخال صواريخ أرض ـ جو الى لبنان متطورة هو «خط أحمر»، يدفع «إسرائيل» للرد عليه بإرسال «إشارة قاسية» لحزب الله.
وفي معرض تحليلها لاسباب اثارة هذه القضية من قبل العدو الاسرائيلي تشير مصادر متابعة الى وجود الاحتمالات الآتية:
– اعتبار ما يجري مقدمة لهجوم اسرائيلي باتجاه لبنان لتغيير قواعد اللعبة بدعم اميركي واعادة التوازن الى المنطقة، في رد مباشر على التحركات الروسية المستجدة والمتسارعة من سوريا الى العراق، خاصة مع بلوغ غارات الطيران الروسي مناطق تعتبرها اسرائيل تابعة لمجالها الحيوي في القلمون. ورغم ان هذا الاحتمال يبقى قائما بشكل دائم، الا انه مستبعد في المرحلة الراهنة لأسباب عديدة، ابرزها انه ليس جاهزا لشن حرب كهذه.علما ان امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لم يسقط تلك الفرضية عند حديثه عن استمرار الاستعدادات والجهوزية الدائمة لصد اي اعتداء اسرائيلي.
– امكانية ان تكون المخاوف خطيرة وجدية فعليا، ارتباطا بمعلومات أو تقديرات إسرائيلية من غير الممكن تحديد مدى دقتها، أو الوقت الذي جرى فيه التوصل اليها، من هنا يتوجب متابعة الحركة السياسية والعسكرية داخل اسرائيل لتحديد الموقف بدقة.
ازاء ذلك تستبعد المصادر من الناحية النظرية، رغم وجود العديد من الاحتمالات، لجوء اسرائيل الى الحرب ، مبدية اعتقادها بان تل ابيب لم تستنفد حتى الساعة ادواتها السياسية لإيقاف ما تدعيه من استمرار تهريب السلاح إلى حزب الله، حيث تشير التحليلات الاسرائيلية الى إن الحل يكمن في الضغط الدولي على سورية وروسيا، نظراً لأن بعض هذه الأسلحة التي تصل الى حزب الله من سورية هي من إنتاج روسي، معتبرة ان المطلوب نقل الموضوع إلى مركز جدول الأعمال الدولي وتحويله إلى قضية مهمة في علاقات أوروبا مع سوريا.
من جهتها رفضت مصادر مقربة من الثامن من آذار، تأكيد او نفي المعلومات محيلة السائلين الى خطابات السيد حسن نصر الله التي تحمل في طياتها الاجابات عندما اعلن ان الحزب يستطيع أن يصيب أي نقطة في «إسرائيل»، مؤكدة ان المقاومة وفي اطار وعدها بتحقيق المفاجآت في صراعها ضد اسرائيل، لا تتدخر جهدا في سبيل تعزيز قدراتها الردعية ما يجعل تل ابيب تفكر وتعيد حساباتها عشرات المرات قبل الإقدام على أي مغامرة في لبنان، مشيرة الى ان تلك معلومات تكشف عمق القلق الإسرائيلي من التطور الجديد الذي فاق كل ما شهدته إسرائيل حتى الآن من حزب الله، الأمر الذي اذا ما صح سيغير بشكل جوهري توازن القوى الاستراتيجي في المنطقة.