إحراج إسرائيل وإرباكها كانا واضحين أمس. خطوة الخارجية اللبنانية كانت صادمة، ولم تكن مقدّرة ابتداءً في تل أبيب لدى اتخاذ قرار الادعاء و«الكشف» المزعوم عن المواقع الثلاثة لنصب الصواريخ وإنتاجها، بالقرب من مطار بيروت الدولي.
مع ذلك، كان العناد والمكابرة بمستوى الارتباك، والإحراج كبيراً إلى حد أجبر رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، على الرد ومحاولة التخفيف من وطأة وقائع تكذيبه، باللجوء إلى ادعاءات جديدة طاولت هذه المرة جولة وزير الخارجية جبران باسيل، بالادعاء أنه امتنع عن اصطحاب السفراء الأجانب إلى المخزن المجاور لملعب نادي العهد!
إحراج نتنياهو ومكابرته تمظهرا في تغريدة على تويتر، سارع إليها في أعقاب تكذيبه: «حزب الله يكذب (أمام) المجتمع الدولي بشكل سافر من خلال الجولة الدعائية الخادعة التي قام بها وزير الخارجية اللبناني اليوم حين اصطحب سفراء أجانب إلى ملعب كرة القدم، ولكنه امتنع عن زيارة المصنع تحت الأرض المتاخم له، حيث تُنتَج الصواريخ العالية الدقة».
وقائع الجولة ومجرياتها تكذب بذاتها نتنياهو ومزاعمه في نيويورك، كما تكذب ما ورد في التغريدة الدفاعية التي لجأ إليها أمس، ليس في ما يتعلق بالمخزن القريب من ملعب العهد الذي جال فيه السفراء والصحافيون، بل أيضاً في الموقعين الآخرين الذين صمتت عنهما تغريدة نتنياهو وادعاؤه الجديد.
«كان»: خطوة الخارجية اللبنانية استثنائية لأن السفراء لم يعثروا على صواريخ حزب الله
موقف نتنياهو مفهوم، وربما كان متوقعاً، في أعقاب الجولة وتظهير الحقائق. بل وربما بالإمكان التماس العذر له، لكونه لم يتوقع الخطوة الدبلوماسية اللبنانية وفضح فبركاته، ما دفعه إلى تكرار الادعاءات.
السمة العامة لمشهد الأمس إسرائيلياً، أن في موقف نتنياهو أو في البيان الصادر عن الجيش الإسرائيلي الذي طابق التغريدة في المضمون، هو قلب للمواقف على نقيض مما أرادته إسرائيل ابتداءً. موقف العدو دفاعي في الإصرار على رواية تم تكذيبها، فيما تركز الموقف اللبناني بوضوح على تظهير الحقائق كما هي من دون الانكفاء إلى الموقف الدفاعي و«التطنيش»، كما راهنت إسرائيل.
وفيما وصفت قناة «كان» العبرية أمس، خطوة الخارجية اللبنانية بالاستثنائية الهادفة إلى تكذيب نتنياهو، لكون السفراء الأجانب لم يعثروا على صواريخ حزب الله في قلب بيروت، حذرت القناة العاشرة من التعاون القائم بين حزب الله والدولة اللبنانية والتوجه إلى الإضرار بصورة إسرائيل في الخارج والمحافل الدولية، وحذرت من مرحلة ما بعد الجولة، ومن خطة قد يقدم عليها الوزير باسيل في الأمم المتحدة والساحة الدولية ضد إسرائيل مبنية على تكذيب ادعاءات نتنياهو.