فرض مؤتمر روما لدعم الجيش والقوى الامنية نفسه بنداً غير عادي على جدول الحدث السياسي اللبناني الداخلي، العالق عند عقد نسج التحالفات الانتخابية وتشكيل اللوائح، فيما كان رئيس الحكومة سعد الحريري يستبق الافتتاح بعقد لقاءات على درجة عالية من الاهمية، تماما كما فعل قائد الجيش العماد جوزف عون الذي خصته ايطاليا بأكثر من لفتة ان على مستوى طبيعة اللقاءات او بمنحه الوسام الايطالي الارفع.
وفيما بات معلوما ان اطار المؤتمر لن يتعدى الدعم السياسي الدولي الى مساعدات تعلن في ختامه، الا ان الواضح حتى الساعة يبشر بمساعدات قيّمة للقوى الامنية والعسكرية وعلى رأسها الجيش اللبناني المنوطة به مهام كبيرة يتوجب عليه القيام بها في ما يخص الجبهتين الجنوبية والشمالية الشرقية على وجه الخصوص، في ظل رغبة المشاركين الواضحة بانجاح المؤتمر وتبيان التحديات الحقيقية الماثلة امامه كسلطة عسكرية منوط بها الدفاع عن لبنان حصريا، وهو ما ردّ عليه رئيس الحكومة بتحية افضل باعثا رسالة واضحة للمجتمع الدولي تؤكد التزام لبنان الجدي ببحث الاستراتيجية الدفاعية، في موقف جاء على ما يبدو بالتنسيق مع رئيس الجمهورية.
مصادر واكبت التحضيرات اشارت الى ان الملف اللبناني المطروح امام الدول ال 41 في روما «مبكل» اذ جاء وفقا لمواصفات ومتطلبات الدول لجهة الوضوح، الدقة والتفصيل ، معللا باسباب الحاجة الى هذا العتاد في ظل النقص الذي تعاني منه الاجهزة العسكرية والامنية اللبنانية، رغم التحسن النوعي والملحوظ الذي طرأ في بعض المجالات لا سيما سلاحي المدفعية والمضاد للدروع، وعلى صعيد بناء قوة جوية قادرة على التدخل وتامين الدعم الارضي.
واشارت المصادر الى ان الجيش اللبناني سيحظى بحصة الاسد من المساعدات المقدمة حيث ينتظر ان يتم تشكيل لجان تعمل على تامين الحاجات ومتطلبات الاجهزة في اطار مفاوضات ثنائية وثلاثية بين الدولة اللبنانية والدولة المانحة، داعية في هذا الخصوص الى ضرورة تحريك مشاريع القوانين العالقة في المجلس النيابي حول التعاون العسكري مع فرنسا والتي سيكون بالامكان في حال تمريرها رفع نسبة المساعدات العسكرية الفرنسية للبنان.
وطمأنت المصادر الى ان الضغوط الاسرائيلية لن تنجح في افشال المؤتمر لعدة اسباب، اولا لان الولايات المتحدة باتت تعتبر الجيش اللبناني شريكا اساسيا وحليفا في الحرب ضد الارهاب، بعدما اثبت كفاءة عالية في هذا المجال وهي ابلغت ذلك بصراحة الى الجانب الاسرائيلي كما عبر عن هذه الرؤية مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط دايفيد ساترفيلد خلال زيارته تل ابيب في مسعى الوساطة حول الخلاف الحدودي القائم بين لبنان واسرائيل.
ثانيا، اعتبار اوروبا خط الدفاع الاول عن سواحلها امام تمدد الارهاب باتجاهها وهو ما بينته تجربة السنوات السابقة، والمرشح الى ان يتزايد مع قرب الانتهاء من تلك المجموعات وبدء الهجرة العكسية للمسلحين باتجاه دولهم الام.
اما ثالثا، فهو سقوط الحجج الاسرائيلية بحد ذاتها لجهة ان هذا السلاح قد يقع في يد حزب الله، حيث بينت التجربة بما لا يقبل الشك التزام الجانب اللبناني بشروط العقود الموقعة، خصوصا لجهة عدم انتقال السلاح لجهة ثالثة، وهو ما تقوم الفرق الاميركية دوما بمراجعته للتاكد منه، كما ان اللوائح التي تقدمها الدولة اللبنانية في كل مرة لا تشمل اسلحة هجومية او كاسرة للتوازن في المنطقة، بل هي دفاعية وتنطلق من رؤية واقعية للقيادة العسكرية اللبنانية، هدفها تلبية حاجات المهمات المطلوبة.
وختمت المصادر بان الرسالة الابرز لمؤتمر روما تبقى في البعد السياسي والتأكيد الدولي على ان المظلة الحامية للاستقرار اللبناني غير قابلة للمس، وان الاستثمار الامني فيه من قبل الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية هدفه الاساس الحفاظ على كيان الدولة وتقوية اجهزتها ومؤسساتها الذاتية حفاظا على سيادة وحرية واستقلال لبنان، بعيدا عن الشظايا المباشرة لتسويات المنطقة.
مصادر ديبلوماسية اشارت الى ان اسرائيل ركزت في اتصالات جانبية اجرتها مع عدد من الدول على عدم حصول الدولة اللبنانية على منظومات دفاع جوي وبحري او صواريخ ارض – ارض بعيدة المدى، بما قد يهدد امن اسرائيل، مشيرة الى ان الرد الدولي كان واضحا بان وجود القوات الدولية العاملة تحت راية القرار 1701 هو الضامن للاستقرار على حدودها الشمالية، خصوصا ان الجيش اللبناني لم يبادر الى اي تحرك عدائي تجاه اسرائيل، وهو ملتزم بموجبات القرار الدولي، متابعة بان الهم الاسرائيلي الاول يبقى في حصولها على حرية السيطرة على الاجواء اللبنانية لما تمثله من بعد حيوي في مواجهتها مع ايران وسوريا، وهو ما لفت اليه تقرير للقوات الدولية تحدث عن أنّ إسرائيل انتهكت الأجواء اللبنانية 758 مرّة، أي بمعدّل 3.188 ساعة، خلال 4 أشهر، وبالتحديد في الفترة الممتدّة من 1 تموز الى 30 تشرين الأول 2017، بزيادة 80% عمّا كانت عليه الإنتهاكات في الفترة نفسها خلال العام 2016، وبمعدّل 6 طلعات في اليوم، ووفقًا للبيانات، فإنّ 93% (707 مرة) من هذه الإنتهاكات حصلت عبر طائرات بدون طيّار.