من حيث المبدأ باتت وراءنا الهدنة المعقودة بين حزب الله والجانب الإسرائيلي، التي تبنتها حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، ما أعطاها صفة لبنانية عامة لتكون هدنة بين لبنان وحكومة الاحتلال. وكان هذا الموضوع ولا يزال مدار أخذ ورد على الصعدان الدستورية والميثاقية والوطنية، وهو جدال لم ينقطع منذ أن أعلن رئيس الحكومة، في الأيام الأولى لِـ «حرب المساندة والإشغال» حتمية الربط بين غزة والجنوب. ولم يتوقف طرح السؤال الآتي: هل كان ممكناً الفصل بين الجبهتين؟ ليتبين لاحقاً أن هذا الفصل ممكن، وهو ما حصل فعلاً عندما اتخذ أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم قراراً بالفصل أعلنه، مباشرة على الهواء، ذات إطلالة تلفزيونية. إلّا أن السؤال تناسل سؤالاً استطرادياً وهو: هل كان ممكناً عدم موافقة الحكومة، باسم لبنان، على اتفاق الهدنة الذي يدور جدال كبير حول مضمونه؟ وهذا ليس مقصدنا في الآتي من الكلام.
فنحن اليوم أمام خروقات إسرائيلية لا تتوقف للهدنة، ولا سيما للقرار الدولي 1701 الذي تبناه الاتفاق. ويتضح بشكل فاقع جداً أن العدو الإسرائيلي يتعامل مع بنود الاتفاق وكأنها تُختَصَر بفقرة واحدة افتراضية بالطبع وغير موجودة فيه بالتأكيد، وهي: من حق إسرائيل أن تتصرف وكأنها صاحبة القرار الوحيد في لبنان، وأنها تستبيح سيادته برّاً وبحراً وجواً، من غير قيد أو حسبان! والذين نسوا، أو تناسوا، ما كانت المسيّرات العدوة تفعله في أجوائنا لا سيما في الأسابيع الأخيرة من الحرب، عادت إليهم هذه الذكرى بالهدير المعهود طوال الليل وأناء النهار، وكأن لا هدنة ولا وقف لإطلاق النار. الخ …
وتترافق هذه الخطوات مع الإعتداءات اليومية على سوريا وما ينتج عنها من ضرب إمكانات الجيش السوري الى ما يشبه تجريده من السلاح بتدمير قدراته كلياً من دبابات وطائرات عسكرية (بما فيها الميغ – 29) وكذلك القضاء على الزوارق الحربية الخ…
وبقدر ما يطفو هذا الواقع على السطح المتحرك في سوريا بقدر ما يدعو الى استغراب شديد للصمت العربي المريب الذي يلف هذه الأمة «من المياه الى المياه»، وكذلك الأمة الاسلامية. وهما تتعاملان مع سوريا وكأن لا صلة عروبة (أي عروبة؟!.) أو دين تجعل حكّام دولة عربية أو إسلامية واحدة يرفعون عقيرتهم تنديداً بما يقوم به الصهاينة من عربدة لا حدود لها…