IMLebanon

«بنوك أهداف» إسرائيلية متوسعة… والهدف البقاء

 

تتلاحق الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت وأقضية الجنوب والبقاع، وتتسع رويداً رويداً إلى جبل لبنان والشمال، مع بالونات حرارية بمثابة إنذار في طرابلس، لتشبك أهداف الحرب على لبنان وتعلن عن الواحدة تلو الأخرى.

بينما تنكبّ حكومة تصريف الأعمال على تأمين المساعدات الدولية على الصعيدَين المالي والإغاثي لرأب الصدع والتخفيف من حدّة أزمة النزوح، ومع عمل الجيش والقوى الأمنية على إطفاء نيران الفتنة في مختلف المناطق عبر إزالة التعدّيات العمرانية وحماية الأملاك الخاصة لعدم اصطدام المُلاك بالنازحين، يواصل الجيش الإسرائيلي رفع وتيرة غاراته في العمق اللبناني يوماً بعد آخر، مدّعياً أنّه ينذر قبل القصف، إلّا أنّ غارات يوم أول من أمس في الضاحية كان بعضها بلا إنذار، ما أسفر عن مجازر في حقّ المدنيين.

تزامناً، يتعنّت نتنياهو برفض وقف النار، مستغلاً توغّله البطيء في القرى الحدودية على رغم من أنّه جيش لم يثبت أو يحتل قرية بكاملها، إنّما عمد إلى تفجير قرى بكاملها بعد تفخيخ منازلها ومحلاتها ودورالعبادة فيها، وثم تصويرها للاحتفاء بها.
هذا التدمير الكامل والممنهج وتسوية القرى والبلدات بالأرض وتحويلها أراضي رملية، عكسته طروحات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين لـ«استسلام الحزب» تحت ضغط النار. إلّا أنّ المسعى الأميركي قوبل بالرفض، بما أنّه لم يكن يحمل أي حلول واقعية، إنّما لا يشكّل سوى استسلاماً للدولة اللبنانية قبل «حزب الله»، لتسليم الأرض المحروقة في اليوم التالي للحرب إلى الجيش العبري، لتكون منطقة عمليات عسكرية له متى شاء، على رغم من أنّ الطرح تضمّن زيادة في مهمّات قوات حفظ السلام الأممية وتسليحها أسوةً بالجيش اللبناني. والأولى يمكنها العمل في الجنوب، فيما لم تتضح صورة وطبيعة عمل الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني، والتي تصبح منطقة شبه تابعة لإسرائيل استخباراتياً.
على هذه المعطيات، وفيما كانت القوى الأمنية تزيل مخالفات عمرانية للنازحين في جبيل، جاءت الغارة على جرود علمات في القضاء عينه، بمثابة إنذار من إمكانية توسيع الغارات الإسرائيلية إلى محافظة جبل لبنان مرّة جديدة، بعد 3 استهدافات لبلدة المعيصرة في قضاء كسروان، ومجزرة بلدة أيطو في قضاء زغرتا، بالإضافة إلى تكرار رمي البالونات الحرارية في منطقة المينا في طرابلس وعكار.

إنّ هذه الإنذارات الإسرائيلية، وبينما تسعى إلى فرض حاجز معنوي من الخوف والارتياب بين المسيحيّين والنازحين من الطائفة الشيعية، فإنّها لا تزال تواجَه بوعي جميع الأحزاب والمرجعيات الدينية والبلدية في الشمال والجبل، تفادياً لما حذّر منه النائب جبران باسيل في مقابلة إعلان إنهاء تحالفه مع «حزب الله»، بقوله إنّ «خطر فتنة داخلية موجود».
وتكبر الهوة بين التيار و«الحزب» في شأن الملف الرئاسي، متبنّياً موقف المعارضة بأنّ الأخير وحليفه في الطائفة الشيعية يعطّلان الانتخابات الرئاسية، مطالبين بانتخاب رئيس قبل وقف الحرب، وهو ما يعارضه «حزب الله» تفادياً لفرض رئيس عليه بشروط أميركية وإسرائيلية.
غير أنّ الثقل الأكبر بات يقع على كاهل الجيش الذي بات عرضة للاستهداف في أكثر من مناسبة، وآخرها أمس مع سقوط 3 شهداء في صفوفه.
ويُصوّب على الجيش أيضاً من زاوية إعادة تموضعه في نقاط عدة من الشريط الحدودي الذي توغّلت فيه القوات الإسرائيلية، إلّا أنّ المتهمين والمشكّكين بالجيش لا يصوّبون على مكمن إمرته، وهي الحكومة التي تضمّ قواهم السياسية. وحتى أنّ وضع الجيش في مواجهة عسكرية مباشرة مع القوات الإسرائيلية الغازية، ينقل الحرب إلى مرحلة أعلى قد تصعّب من موقف لبنان في مطلب وقف إطلاق النار.