عندما حضر المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت في زيارته الأخيرة، حمل تهديدات “اسرائيلية” مغلفة بالطرح الديبلوماسي، فكان همّه كيفية الوصول الى وقف لإطلاق النار على الجبهة الجنوبية، قبل اتضاح ماهية المرحلة الثالثة التي بدأها جيش العدو الاسرائيلي في غزة منذ فترة، ويُنتظر استكمالها قريباً والاعلان عنها رسمياً لمعرفة ما ستتضمنه، ولكن بانتظار اتضاح هذه المرحلة يبدو أن الجبهة تتجه نحو التصعيد المدرّج.
قصفت “اسرائيل” أهداف جديدة في الجنوب، تمثلت باستهداف منطقة “الجبور” التي تضم مطاراً للطائرات المسيرة التابعة للمقاومة، وذلك رداً على هجوم قامت به المقاومة باستعمال المسيّرات الانتحارية، واستهدفت من خلاله منصات للقبة الحديدية، فكان رد المقاومة تصعيدا إضافيا عبارة عن إدخال انواع جديدة من الصواريخ الى المعركة، واستهداف ثكنة عسكرية للمرة الأولى أيضاً، وبعدها كان الردّ “الاسرائيلي” باستهداف عدد من البلدات والمنازل، لا سيما في دير عامص وبيت ليف، حيث استهدفت أربعة منازل دمرها بالكامل، فاستشهد 4 مقاومين.
لم يتأخر حزب الله بالرد أيضاً على هذه الضربات، فأشعل الشمال منتصف ليل الجمعة – السبت، واستكمل رده السبت صباحاً من خلال ضرب البراكين، وهذا الرد بحسب مصادر متابعة سيكون له ردة فعل “اسرائيلية” أيضاً، مشيرة الى أن ما يجري هو “التدحرج” الذي لطالما كان التحذير منه، إذ حتى اللحظة يرفض أي طرف التراجع او التنازل او التخفيف من حدة الضربات.
في اتصال هاتفي بين وزير الحرب “الإسرائيلي” يوآف غالانت ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، تم مناقشة الوضع على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، فكان تجديد أميركي لرفض الحرب الواسعة، مقابل كلام “اسرائيلي” واضح عن أن رفض حزب الله لسحب قواته من المنطقة الحدودية، يقلل من إمكانية التوصل إلى حل سياسيّ. واللافت في الاتصال حصوله بالتزامن مع ورود تقارير “اسرائيلية” عن أن نتنياهو وغالانت وبيني غانتس وضعوا استراتيجية الحرب، وقد وضع غالانت خطة هجوم برّي على لبنان وعرضها على حكومة الحرب “الإسرائيلية”، وتمت الموافقة عليها بانتظار إشارة التنفيذ، وهي اليوم بعهدة “الجيش الاسرائيلي”. وتتحدث التقارير عن معالم الخطة الأساسية التي ستنفذها ثلاث فِرَق عسكرية على طول الحدود مع لبنان، ستحاول التوغل من الساحل والوسط والجبال.
هذه التقارير أيضاً ترافقت مع تقرير نشره مركز “ستراتفور” الأميركي، وهو مركز دراسات مهم، يتحدث عن أن العدو الاسرائيلي قد وضع على الطاولة سيناريو لشنّ عملية بريّة واسعة ضدّ الحزب في جنوب لبنان، في حال فشلت مساعيها لإيجاد “منطقة عازلة” يبتعد خلالها الحزب عسكرياً إلى شمال نهر الليطاني، وهذا ما يُعيدنا الى ما تحدثنا عنه بخصوص وجود نوايا “اسرائيلية” بشن عدوان على جنوب لبنان، يدمر من خلاله المناطق الحدودية ومراكز الحزب في الجنوب.
يتعامل حزب الله مع كل هذه المسائل بأهمية بالغة، خصوصا بعد التعنت الذي يبديه نتانياهو حيال كل الطروحات الأميركية التي تناقش مسألة ما بعد الحرب على غزة، لذلك لن يتراجع الحزب عن المسائل التالية بحسب المصادر:
– لا نقاش في ملف الحدود قبل وقف الحرب.
– لا تراجع إزاء كل التهديدات “الاسرائيلية”.
– لا مهادنة ولا قبول لضربات الأمر الواقع التي تحاول “اسرائيل” فرضها.
وبالتالي التصعيد سيكون مقابله تصعيد مماثل، وهذا يعني أن أي تفاوض سيحصل قبل دخول المرحلة الثالثة رسمياً سيكون تحت النار.