Site icon IMLebanon

تمخّض ردّ «إسرائيل» فوَلَد فأراً في «أصفهان»!

 

بعد الرابع عشر من نيسان الحالي وبعد الرد الإيراني على الكيان الإسرائيلي، وما رافقه من حبس أنفاس حول مستقبل المنطقة نتيجة التطورات العسكرية بانتظار الرد الإسرائيلي على الرد، بات من الواضح ان كل مخارج المشهد بين طهران وتل أبيب عملت على تدوير زوايا التصعيد وخاصة الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأميركية ودول عربية.

ما تلا الرد الإيراني وضع المنطقة على فوهة بركان لاحتساب التهديدات الإسرائيلية وكيفية صرف فاتورة الرد العسكري على الأراضي الإيرانية، فمنذ الهجوم الصاروخي والمسيّر الذي شنّته الجمهورية الإسلامية الإيرانية على «إسرائيل»، ردّاً على استهداف قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، واغتيال عدد من قادة الحرس الثوري، استمر حبس الأنفاس على المستوى العالمي، فبقي شبح الحرب الشاملة يلوح في الأفق ولا سيما ان سقف التهديد الذي أعلنته المؤسستان السياسية والعسكرية الإسرائيليتان، جاء عاليا بعكس ما أنتجه الرد الهجين في المكان والوسائل المستخدمة. فقبل ذلك، ومع أن كل المعطيات كانت تشير إلى أنّ «إسرائيل» ستردّ، انطلاقا من قاعدة الند للند، بعدما أسقطت طهران من إستراتيجيتها معادلة الصبر الاستراتيجي، حيث تجاوزت «إسرائيل» كل الخطوط الحمر.. عندها لم يكن باستطاعة «إسرائيل» امتصاص الهجوم انطلاقا من ان عدم الرد، يمكن أن يقضي على هيبة الردع لديها، والتي كانت قد تآكلت منذ عملية طوفان الأقصى، وتلاشت بين شوارع غزة وجبهة جنوب لبنان.

 

أتى رد «إسرائيل» بصيغته الهجينة والباهتة أشبه بكرنفال على قاعدة الحفاظ على ماء الوجه وعلى هيبة الكيان أمام الرأي العام داخل الكيان، وهذا كان واضحا بالخيارات والفرضيات التي تحدث عنها كثيرون، عما إذا كان الثأر سيأتي عن طريق الهجوم الدبلوماسي أو السيبراني؛ وكان خيار عسكرة الرد متأرجحا وسط تحديد مجموعة مواعيد متضاربة أوحت بوجود مأزق في داخل حكومة الكيان الموسّعة والمصغّرة والحربية منها، والتي تعاني أصلاً انقساما في الرؤى حول طبيعة العمليات العسكرية التي تديرها على مختلف الجبهات.

من هنا ترى مصادر مواكبة، وفق قاعدة المكتوب يقرأ من عنوانه، أنّ عنوان الهجوم الإسرائيلي على إيران، بمعزل عن تفاصيله، يختصر المضمون، وفي هذه الحالة، فإن «إسرائيل» أرادت القول إنّها قامت بما عليها وردّت، وأن إيران التي حجّمت الهجوم إلى أقصى درجة، وواصلت التحذير من مغامرات إسرائيلية، أوحت أنها لا تعتبر هذا الهجوم ردّاً، ما يعني أن التصعيد يمكن أن ينتهي عند الحدود الأصفهانية.

إن الانقسام العامودي داخل الكيان عزّز لدى كثيرين رؤية الضعف الذي اتّسم بها الفعل العسكري الإسرائيلي، في وقت بادرت واشنطن للتعويض عن هذا الاخفاق بصفقة سلاح بعشرات الملايين من الدولارات كجزء من جائزة ترضية للكيان؛ ما يؤكد أن جولة التصعيد المباشر بين «إسرائيل» وإيران قد انتهت من حيث المبدأ، فإسرائيل ستعتبر أنها ردّت على الهجوم الذي تعرضت له، وإيران لن تجد في الرد ما يستوجب الرد. لكن، ما قد يكون مسلّماً به أيضا أنّ ما جرى لن يكون سوى فصلًا من المواجهة التي ستتواصل بين الجانبين وفق ما ذكرته المصادر. وبالتالي، ثمّة سيناريوهات تشي بالعودة إلى حرب الظل أو عبر حرب الأذرع لكلا الجانبين، التي لطالما حكمت العلاقة بين «إسرائيل» وإيران، ولكن يبقى في حسابات الميدان أن المسلّم به هو تسجيل طهران هدفا مميتا في مرمى تل أبيب من حيث كثافة الهجوم وبرمجته وتسليط الضوء العالمي عليه؛ فيما أتى الرد على الرد أشبه بتمخض جبل لميلاد فأر. وهذا ما رسا عليه المشهد، حيث اهتزت هيبة الكيان المركبة والمصطنعة، وسقطت كل الحسابات والمراهنات ليصبح بعد الرابع عشر من نيسان مختلفا عما قبله.