Site icon IMLebanon

تهديدات إسرائيلية بلسان الرئيس الاميركي  

 

تتجه الانظار الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث شهد العالم يوم أول من أمس، تصعيداً أميركياً غير مسبوق، وخارج عن أي مألوف في الكلمة التي ألقاها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، من على المنبر الدولي مستغلاً الموقع ولم يترك أحداً من شره إلا وصوّب عليه باستثناء الكيان الاسرائيلي، ولم يوفر لبنان من تهديداته عبر عنوانين بالغي الخطورة، التلويح بتوطين النازحين السوريين، ورفع اللهجة غير المسبوقة على «حزب الله» في سياق حملته على كوريا الشمالية وايران التي اعتبرها دولة مارقة وديكتاتورية فاسدة وتدعم الارهاب عبر تنظيمات مثل «حزب الله» واصفا الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، زائد المانيا، بأنه «معيب للولايات المتحدة..» مخاطباً رؤساء وممثلي الدول في الجمعية العامة قائلاً: «أعتقد أنكم لم تروا أسوأ ما فيه.. وقد حان الوقت ان تتوقف ايران سعيها خلف الموت والدمار..».

 

لم يلق خطاب ترامب المتهور قبولاً دولياً.. فقد سارعت فرنسا الى وصف خطاب الرئيس الاميركي بأنه «غير مألوف» وقد شككت بصحة ما ورد فيه من معلومات حيث اعتبر وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان بأن «لا دليل على ان الاتفاق مع ايران لم ينفذ..».

من المفيد الاشارة الى أن كلمة الرئيس ترامب جاءت بعد نحو أقل من أربع وعشرين ساعة على لقائه رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي قدم للرئيس الاميركي مخططا مفصلا لكيفية تعديل الاتفاق النووي وتشديد العقوبات القائمة وفرض عقوبات جديدة والمطالبة بتدمير أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي بقيت لدى ايران والمطالبة بتوقف ايران عن دعم «حزب الله» و»حماس».. وبالتقاطع مع اعلان الجيش الاسرائيلي أنه اعترض طائرة من دون طيار من انتاج ايراني أطلقها «حزب الله» من مطار عسكري في دمشق وحاولت اختراق المجال الجوي الاسرائيلي فوق الجولان.. كما وبالتقاطع مع الاعلان عن افتتاح قاعدة دفاع صاروخي مشتركة بين أميركا و»إسرائيل» وصفت بأنها «الاولى من نوعها في الاراضي الفلسطينية المحتلة..».

الواضح، ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب ذهب بعيداً في وضع العالم بأسره على فوهة انفجارات كبيرة، لن يكون لبنان بالطبع بمنأى عنها ولا بمنأي عن تداعياتها، سواء بالنسبة لمسألة «توطين النازحين» أم بالنسبة لـ»حزب الله»، الذي بات يشكل هدفاً استراتيجياً مشتركاً إسرائيلياً – أميركياً..»؟! هذا في وقت يعيش لبنان أجواء صراعات ومناكفات سياسية، تتظهر يوماً بعد يوم، وهو على أبواب انتخابات نيابية مفترضة في الربيع المقبل، هذا اذا لم يؤخذ باقتراح الرئيس نبيه بري تقريب الموعد الى ما قبل نهاية العام الجاري.. وقد حملت جلستا مجلس النواب (أول من أمس وأمس) رسائل عديدة لا يعرف كيف ستصرف وأين ومتى؟!.

ليس من شك في ان ما حصل على «جبهة نيويورك» لن يبقى محصوراً في الكلام الخطابي والتهديدات الكلامية التي أطلقها الرئيس ترامب وإسرائيل» تعد العدّة لمرحلة ما بعد الماورات غير المسبوقة في سعتها ووحدتها، في الشمال الفلسطيني على مقربة من الحدود الجنوبية للبنان.. وتأسيساً على ذلك، ينتظر اللبنانيون ما ستكون عليه كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الجمعية العمومية اليوم الخميس.. وفي المعلومات التي توفرت فإن الرئيس عون لن يدير ظهره لمواقف الرئيس ترامب، خصوصاً ما يتعلق بمسألتين أساسيتين مدعوماً بموقف مجلس النواب اللبناني ورئيس الحكومة سعد الحريري… الاولى رفض لبنان فكرة توطين النازحين السوريين، أياً كانت الاعتبارات والدوافع، والثانية المخاطر الاسرائيلية التي تهدد لبنان يوماً بيوم، وساعة بساعة، وضرورة تعزيز قدرات الجيش اللبناني لمواجهة مثل هذه التهديدات، كما التهديدات الارهابية معطوفا ذلك على رغبة لبنانية بتعزيز العلاقات اللبنانية – الاميركية.

في المعلومات أيضاً ان الرئيس عون سيركز في كلمته على وجوب «التنبه من الخطر الاسرائيلي الذي لايزال جاثماً وتربص إسرائيل بلبنان (ليس وليد اللحظة او ردّة فعل) واستمرارها في انتهاك سيادته من خلال الخروقات اليومية للأجواء اللبنانية ولسائر القرارات الدولية..» وهو في هذا سيلفت «المجتمع الدولي الى أنه لم يتمكن من الزام هذا الكيان الاسرائيلي التقيد بالقرارات الدولية، كما ولم يتمكن من الزامها التقيد بالقرارات ولا بمشاريع الحلول بشأن المسألة الفلسطينية، لارساء السلام العادل في المنطقة..»؟! فإذا كانت الولايات المتحدة عازمة، وجادة في أنها ستحارب الدول التي تدعم وتمول الارهاب والمنظمات الإرهابية، فالاولى بها ان تقطع كل دعم ومساعدة عن الدولة الارهابية بامتياز «إسرائيل».. التي لا تشكل «القاعدة» او «طالبان» ان حتى «حزب الله» نقطة في بحر هذا الارهاب. في ضوء هذه التطورات البالغة الخطورة على المنطقة، كان الموقف الفرنسي الذي عبر عنه الرئيس ايمانويل ماكرون أكثر عقلانية وحكمة.. وقد دعا الى حلول سياسية في سوريا مدافعا عن الاتفاق النووي ومنبهاً الى ان «التراجع عنه خطأ.. وان الامتناع عن احترام الاتفاق قد يؤدي الى حريق في المنطقة..» وهي رسالة في أكثر من اتجاه، من الاميركيين، الى الايرانيين الذين يتخوف عديدون من ان يكونوا يعيشون مرحلة «فائض قوة» يديرون معها ظهورهم الى كل التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة برمتها.. لبنان لايزال في «عين العاصفة».. والخروقات الاسرائيلية الجوية والبحرية والبرية ليست مجرد اشارة على «اننا هنا» على ما قال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي أدرعي، مشدداً على ان جيش الاحتلال «لن يسمح بأي شكل من الاشكال خرق او اقتراب عناصر إرهابية ايرانية او من «حزب الله» او ميليشيات شيعية او جهادية الى منطقة الحدود.. وسيتحرك في مواجهة أي تحرك لمثل هذه العناصر بشكل قاطع وواضح ولن نسمح باقترابها الى الحدود..»؟!