ارتفعت الأصوات في “اسرائيل” في الساعات الماضية، للمطالبة بمساعدة دول “الجوار” في عملية إطفاء الحرائق التي أشعلت شمال فلسطين المحتلة. ففي هذه الحرب حتى النار بات يُقابلها النار، وقد ساعد على ذلك الطقس المسيطر على المنطقة، فكلما أشعلت “اسرائيل” ناراً باستخدام القنابل الحارقة والسلاح الفوسفوري، اطلق حزب الله صواريخه لإشعال النيران في المواقع والمستوطنات “الاسرائيلية”، فهل تكبر هذه النيران لتحصد الأخضر واليابس؟
تقول المعلومات أن الجانب البريطاني نقل تهديداً أو تحذيراً الى لبنان بخصوص ضربة “اسرائيلية” واسعة على لبنان منتصف شهر حزيران الجاري، أي بعد أقل من أسبوعين. وفي هذا السياق، تُشير مصادر سياسية لبنانية متابعة لمسار الحرب، الى أن التهديدات المتعلقة بذهاب “إسرائيل” إلى حرب في جنوب لبنان لم تتوقف في أي يوم، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لا بل أنه في الأيام الأولى من هذا العدوان كان على طاولة البحث لدى القيادات السياسية والعسكرية في “تل أبيب”، التفكير بشن عملية عسكرية إستباقية ضد حزب الله، على قاعدة الإستفادة من “التعاطف” الدولي الذي حظي به الكيان بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول الماضي.
في الوقت الراهن، من الطبيعي أن يرتفع مستوى التهديدات والتحذيرات الدولية من هذا السيناريو، على قاعدة أن “إسرائيل” بحاجة إلى الإنتهاء من هذا الملف قبل بداية موسم المدارس لديها، في ظل الضغوط التي تفرض على المسؤولين فيها من قبل سكان المستوطنات الشمالية، لكن حتى الساعة التقديرات تصب في إطار أن ما يتم التداول به هو عبارة عن حملة تهويل لا أكثر، بسياق عملية شد الحبال القائمة حول صفقة التبادل ووقف إطلاق النار، لا سيما إذا ما شهدت المفاوضات المتعلقة بقطاع غزة تقدماً في الأيام المقبلة.
من حيث المبدأ، المعادلة لا تزال هي نفسها، “تل أبيب” غير قادرة على الذهاب إلى عدوان على لبنان لسببين أساسيين: الأول هو عدم توفر الغطاء الدولي لذلك، أما الثاني فهو عدم القدرة على فتح جبهة جديدة، في ظل العجز الذي تعيشه على مستوى قطاع غزة، رغم استخدام 6 فرق عسكرية من أصل 12، لا سيما أن قدرات حزب الله تفوق بأضعاف تلك التي حركة حماس.
هذا التهديد الذي وصل الى لبنان، يكاد يكون التهديد رقم 200 تقول المصادر، مشيرة الى أن كل هذه التهديدات جوفاء، لأن “الإسرائيلي” يعلم قوة المقاومة، معتبرة أن هذه التهديدات والتصعيد الكلامي موجه غالباً الى البيئة “الاسرائيلية” في الشمال، خاصة في هذه الأيام التي تشهد تصعيداً من قبل حزب الله في العمليات.
وتضيف المصادر: “تقديرات المقاومة وبحسب المراقبة للتطورات، ومحتوى كمية كبيرة من الاتصالات السياسية التي تنقلها مرجعيات رسمية لبنانية الى المقاومة، فإن “إسرائيل” غير قادرة على الحرب وغير راغبة بها أيضاً، لأنها تعلم العواقب جيداً”.
إذاً، بحسب المصادر فإن كل المؤشرات الواقعية والمنطقية تؤكد صعوبة خيار الحرب الواسعة لدى “اسرائيل”، علماً أن الحزب أرسل بدوره رسائل لمن يعنيهم الأمر، بأن الحرب الواسعة على لبنان لن تقتصر حدودها على لبنان فقط، ولكن كل هذا لا يلغي إحتمال المغامرة التي قد يذهب إليها رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتانياهو، في حال قرر أن ليس من طريق أمامه في مواجهة الضغوط التي يتعرض لها داخلياً وخارجياً، إلا الهروب إلى الأمام، لكن هذا الإحتمال، وفق المعطيات الراهنة، يبدو ضعيفاً.