لوحظ عودة وتيرة التهديدات الإسرائيلية بالحرب ضد حزب الله في لبنان، إلى التصاعد من جديد، بعد تراجع نسبي خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية، وتأكيده امام الكونغرس الاستمرار بالحرب حتى القضاء على حركة حماس وهزيمتها ونزع سلاحها، متجاهلا الحديث عن مصير مبادرة الرئيس الاميركي جو بايدن لوقف اطلاق النار، وتبادل الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وطالب اعضاء الكونغرس بتسريع ارسال شحنات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل، ليتمكن من تحقيق هذا الهدف.
حاول نتنياهو الاستقواء باستقبال الكونغرس له، واتاحة الفرصة امامه لالقاء خطاب في خضم الحرب الوحشية التي يشنها على القطاع منذ ما يقارب التسعة أشهر، استغلال استقبال الكونغرس، ومتغيرات الترشح للانتخابات الرئاسية، لابتزاز الرئيس الاميركي جو بايدن في لقائه بالامس، ليطلب منه تغيير سياسية الادارة الاميركية الساعية لتنفيذ مبادرة بايدن، لوقف الحرب في قطاع غزّة وتسريع الخطى لاطلاق الرهائن، ومنع تهديدات رئيس الحكومة الإسرائيلية وقادة جيشه بتوسعة الحرب ضد حزب الله في الجنوب اللبناني، تحت عنوان منع التصعيد في المنطقة، ودعم إسرائيل ومدها بالسلاح والعتاد العسكري والاموال لاكمال حربها العدوانية المتواصلة.
ولكن الوقائع والمؤشرات التي رافقت زيارة نتنياهو لواشنطن، لم توحِ باحتمال اعادة الادارة الاميركية الحالية النظر بسياستها من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، استجابة لطلب نتنياهو، او حتى تحسين العلاقة المتردية معه، بعد الخلافات الحادة التي تسببت بها سياسات حكومته، بالامعان في الحرب الاجرامية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة وارتكاباتها الدموية في الضفة الغربية ، وتشير مقاطعة نائبة الرئيس الاميركي والمرشحة الرئاسية هاريس، لخطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية في الكونغرس، بالرغم من ضرورة حضورها دستوريا، وتغيُّب اعضاء كثر من نواب الحزب الديموقراطي البارزين عن الحضور، إلى استياء ملحوظ من هذه الزيارة، لانها تأتي في ظل استمرار نتنياهو بتحدي الادارة الاميركية، ورفضه التجاوب مع مبادرة الرئيس بايدن لانهاء الحرب قبل انتهاء ولايته في الاشهر القليلة المقبلة.
لذلك، لا بد من انتظار النتائج النهائية للقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية مع الرئيس الاميركي ومسؤولي الادارة الاميركية البارزين، لمعرفة ما تخلص إليه من نتائج، وهل يقنع هؤلاء بتغيير سياسة واشنطن تجاهه، ام يقتنع بالانصياع والمضي قدما بالتجاوب مع مبادرة بايدن لانهاء حرب غزّة، وتسريع الخطى لانجاز صفقة التبادل، وانتظار جهود المستشار الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين لإنجاز الاتفاق مع لبنان، وإن كان هذا صعبا في ضوء ما اعلنه من مواقف استباقية بالكونغرس، ما يعني استمرار حكومته بالحرب ضد غزّة، وحتى المجازفة بتوسعها ضد حزب الله في لبنان، مستغلا انشغال الادارة الاميركية بترددات تنحي الرئيس الاميركي جو بايدن، بالرغم من كل تداعياتها ومؤثراتها الخطيرة على المنطقة ككل.