إنضمت إيران علناً إلى صفوف المحذّرين من حربٍ إسرائيلية واسعة ضد لبنان. قبل ذلك لم يكن هذا الأمر يعنيها كثيراً في الخطاب الدبلوماسي اليومي. كانت إسرائيل كياناً غاصباً محكوماً بالزوال على يد المقاومين الفلسطينيين ومعهم المحور الذي قام لدعمهم من مختلف المنظّمات التي تدعمها إيران بالسلاح والمال والعتاد والصواريخ والمسيّرات. ولذلك عندما شنّت «حماس» عملية «طوفان الأقصى» كان طبيعياً أن تنخرط كل تلك المنظمات في المعركة، وهو ما حصل بنسب متفاوتة.
في العراق قامت «المقاومة» باستهداف الأميركيين قبل أن تطلق بعض المقذوفات باتجاه إسرائيل، ثم تعرض إرسال الآلاف من أفرادها لفتح جبهة من الأردن. وفي لبنان انخرط «حزب الله» في حرب مساندة، ضمّت إليها في أوقات مختلفة تنظيمات فلسطينية تقاتل في غزة، ومجموعة عسكرية تابعة للجماعة الاسلامية (تنظيم «الإخوان» في لبنان). وبينما حاز الحوثي قصب السبق في حرب البحر الأحمر المفتوحة، انكفأ قلب المقاومة في دمشق، وجلس النظام على حافة الحرب ينظّر لأهمية ومعاني «مفهوم المقاومة».
كل هذه الجبهات أرادتها إيران ودفعت إلى تأجيجها، ولم تخفِ استياءها من موقف النظام السوري. عدا الدرس في المقاومة الذي تلاه المرشد الإيراني علي خامنئي في استقبال الرئيس السوري بشار الأسد، انتظرت طهران انتهاء زيارة وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني إلى العاصمة السورية لتشن حملة على الأسد لأنه وقع مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على بيان القمة العربية الذي يقول بحق الإمارات في الجزر الثلاث التي تحتلها إيران.
طوال الأشهر الماضية على حرب غزة لم يظهر على إيران أنها تخشى من حرب إسرائيلية مدمرة في لبنان يكون هدفها حليفها الأبرز في المنطقة، لكن بعد ما جرى من قتل ودمار في القطاع الفلسطيني، ومشاريع الهدنة أو وقف النار التي تطرح هناك، يبدو أنّها شعرت بمناخ جديد أثار قلقها. وإذا كانت إيران قلقة إلى هذا الحدّ وعبّرت عن ذلك خلال اليومين الماضيين على لسان باقري ثم على لسان الناطق باسم خارجيتها ناصر كنعاني، فالأحرى باللبنانيين «جيشاً وشعباً ومقاومة» أن يقلقوا. بحسب باقري، غزة كانت مستنقعاً للعدو ولبنان سيكون له بئراً يُدفن فيه. والاعتقاد السائد أنّ اللبنانيين لا يريدون بلدهم لا مستنقعاً ولا بئراً.