Site icon IMLebanon

التوغّل البري إلى ما بعد الليطاني

 

 

تأخر رئيس مجلس النواب نبيه بري في إبداء الخشية من تحول لبنان إلى غزة ثانية. كان الأحرى به أن يقول ما قاله، قبل 8 تشرين الأول، أو إثر العملية الشهيرة، التي سماها “حزب الله” حرب إسناد غزة.

 

في تتبع سياق الحرب الإسرائيلية على “حزب الله”، سمات أساسية تصلح لاستنساخ الحرب على حركة حماس، وإن بفوارق نوعية.

 

 

في 17 أيلول بدأت إسرائيل هجومها العملي، عندما كبست على زر البيجر، وتلت ذلك محطات مفصلية أخطرها اغتيال رأس الهرم في “حزب الله”، ثم اغتيال خليفته، لكن قبل اغتيال رأس الهرم يجدر التوقف عند اغتيال ابراهيم عقيل (الحاج عبد القادر) وعشرين من قادة فرقة الرضوان. بعض المعلومات تكشف أن اجتماع الرضوان كان الهدف منه، ردّ ضربة البيجر بعملية برية أعطي الأمر لفرقة النخبة في الحزب بأن تنفذها، والقصد منها استعادة الردع والتوازن، عبر شك العلم الأصفر، في مستوطنة إسرائيلية.

 

 

اعتلمت اسرائيل الاجتماع، وقضت على قائد الرضوان وقادته الميدانيين، وهنا بدا أن الكيان عرف بأمر الاجتماع والخطة، فأجهض كل ذلك بغارة جوية، تلاها اجتياح جوي كبير، دمر جزءاً كبيراً من ترسانة “حزب الله”، ثم توّجها باغتيال نصرالله نفسه.

لقد بدأت اسرائيل الحرب إذاً، بعد عشرة أشهر من حرب الإسناد، هذه الحرب المرشحة لأن تماثل الحرب على غزة، لجهة المدة الزمنية التي يستعد الكيان لتحملها، تحقيقاً لهدف إنجاز التغيير الجذري في الشمال.

 

الحرب ستكون طويلة. لن تتوقف عند مناورات سبق لغزة أن عاشتها، على شكل محاولات لترتيب هدن، تفشل ثم تفشل، على وقع استمرار المعارك.

 

الحرب ستكون طويلة كما سرب عن مراجع دبلوماسية في بيروت.

 

الحرب ستتخطى الأهداف الأولية التي وضعتها إسرائيل، في بداية التوغل البري، حيث أعطت لعمليتها صفة العملية الحدودية المحدودة.

 

 

 

 

تكشف المراجع الدبلوماسية التي تكلمت داخل الجدران الأربعة، أن الهدف الإسرائيلي من الحرب البرية، هو الوصول بالاحتلال الجديد إلى نهر الليطاني في مرحلة أولى، ثم إلى نهر الأولي في مرحلة ثانية، والسبب؟

 

لا يعود السبب إلى رغبة بالاحتلال، أو البقاء في الأرض اللبنانية المحتلة، بل بإقامة منطقة عازلة تمتد من الشاطئ إلى إقليم التفاح إلى ما تيسر من البقاع، للقضاء على قدرة “حزب الله” في إصابة المستوطنات بالصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، أما أمر ما تبقى من ترسانة صاروخية بعيدة المدى، فالمفاوضات تحت وقع النار تتكفل بها، كما تتكفل بها أنظمة الدفاع الجوي.

 

 

 

تبعاً لذلك تشير المراجع الدبلوماسية، إلى أن مهمة هوكستين الميؤوس من إمكان ترجمتها إلى وقائع في ظل إدارة بايدن، هي المحاولة الأخيرة قبل التسلم الرئاسي والتسليم في واشنطن، ومن المستبعد جداً في ظل موازين القوى الحالية أن تكون أساساً لمفاوضات جدية، لتحقيق وقف إطلاق النار.

 

 

لن تكون المهلة الأميركية لتحقيق هدف الحرب مرتبطة بدخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. هذه مهلة نظرية لا تنطبق على الواقع الذي أنتجته عملية 7 تشرين، الذي غير طبيعة الصراع.

 

الحرب طويلة ومدمرة، ولبنان فرض عليه بالإكراه أن يكون النموذج الثاني من غزة، ووقف الحرب يحتاج لقراءة الأحداث من دون أوهام، وهذه القراءة حتى إشعار ضحية العنتريات على المنابر.