IMLebanon

واشنطن تفكّك منظومة الحرب الإسرائيلية وتزيد الطوق على نتنياهو

 

لا تغطية أميركية .. واحتمال اندلاع صراع عسكري إقليمي أحد الروادع

 

 

ظهّرت مهمّة المستشار الرئاسي آموس هوكستين الحاجة القصوى إلى الناظم الاميركي، في وقت يزداد النزف عند الحدود بين لبنان وإسرائيل ليبلغ مستوى قياسيا في ضوء تصاعد وتيرة المعركة بين إسرائيل وحزب الله.

سعى هوكستين في جولته الأخيرة بين تل أبيب وبيروت إلى خفض التوتر عند الحدود اللبنانية- الإسرائيلية بما يحول دون توسّع المواجهات وتطورها إلى حرب لا هوادة فيها بامتداد إقليمي قد يكون غير مسبوق، بفعل التهديد الإيراني بالمشاركة المباشرة وبإغراق الحدود مع إسرائيل بجحافل من المقاتلين العراقيين والأفغان والباكستانيين وغيرهم من الوكلاء. وظهر هذا التطور الخطر في ما نشر عن استعداد فصائل عراقية منخرطة في «المقاومة الإسلامية» القتال إلى جانب حزب الله في حال اندلاع حرب أوسع، تجاوبا مع طلب أوصله إليها وزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري كني على هامش زيارته الأخيرة إلى العراق منتصف هذا الشهر.

عكس تحرك هوكستين عمق القلق الأميركي من تداعيات ما يحصل خصوصا في ضوء الخلافات التي تعصف بالمستويين السياسي والعسكري في تل أبيب، ومن تجلياتها حلّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مجلس الحرب والعودة الى الكابينيت المصغّر حيث يقبض على القرار.

لا ريب أن هذا الخلاف المستفحل بين السياسيين والانقسام في الشارع الإسرائيلي وخروج القيادة العسكرية عن طوع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، جنبا إلى جنب مع التطورات العسكرية المتسارعة جنوبا، كلّها تزيد من مخاطر التهوّر وقد تؤدي إلى نشوء حرب إقليمية.

وكان نقل عن مسؤولين أميركيين قولهم «إن إنهاء الحرب في غزة، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، هما الشرطان الأساسيان للتوصل إلى اتفاق على الجبهة اللبنانية». وتكمن هنا تماما العقدة والحلّ. فالإدارة الأميركية واثقة من أنها لن تحقق ما تريد من خفض للتوتّر في الجنوب من دون تحقيق اختراق أكيد في غزة، بما يلاقي مطلب حزب الله. لكنها في المقابل لا تغفل المطلب الإسرائيلي بإخلاء مساحة الـ7 كيلومترات من الحدود من أي حضور عسكري للحزب، بعدما باتت إعادة المستوطنين إلى قراهم في الشمال قبل بدء السنة الدراسية في أيلول تشكل عاملا ضاغطا على الحكومة الإسرائيلية والمحرّك الرئيس في كل ما تخطط له على الجبهة مع لبنان.

وكانت تقديرات استخبارية غربية ورسائل أوصلها موفدون دوليون إلى بيروت، حملت تنبيهات تؤشّر إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سينقل الحرب من رفح إلى لبنان ما لم يحصل من حزب الله على سحب قواته ٧ كيلومترات إلى الداخل اللبناني، وهو ما يرفضه الحزب المتمسك بدوره بشرط وقف الحرب في غزة لكي ينهي حرب الاسناد.

تعثّرَ هوكستين في مهمتّه الأخيرة لأنه لم يأتِ بجديد يقنع الحزب باستدارة عسكرية، فبقيت مخاطر الانزلاق الى الحرب قائمة. غير أن هذا التعثّر لا يعني فشلا أو تخلّيا عن الهدف، بقدر ما هو في المفهوم الأميركي البراغماتي جزء من قواعد اللعبة، فيما بات واضحا للمسؤولين الإسرائيليين أن لا تغطية أميركية لحرب في الشمال، لا اليوم ولا بعد شهر وهو الموعد المضروب إسرائيليا لإنتهاء العملية العسكرية في رفح.

ما يعزّز الانطباع بأن طبول الحرب شيء وقيام حرب شيء آخر، وجود قناعة لدى أكثر من عاصمة معنية بالشأن اللبناني بأن تل أبيب لن تُقْدم على تنفيذ تهديدها بالحرب الشاملة لإدراكها العواقب وخصوصا التهديد الإيراني بإشعال المنطقة. هذا الانطباع تبلّغه مسؤولون لبنانيون مقرونا بنصيحة مكرّرة بوجوب التقاط الفرصة، لا سيما المسعى الأميركي، من أجل إبطال أي ذريعة قد يستعملها نتنياهو المأزوم قضائيا وسياسيا.

لا تنفك واشنطن تسعى إلى تفكيك منظومة الحرب الإسرائيلية بعد تيقّنها من أن نتنياهو بات خارج السمع الأميركي. وهي لهذه الغاية استقبلت هذا الأسبوع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غلانت بدعوة من نظيره الأميركي لويد اوستن. كذلك حصلت لقاءات في واشنطن مع كلّ من وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي. وكلها ترمي إلى تطويق نتنياهو ومنع توسّع المواجهات عند الحدود اللبنانية- الإسرائيلية.