تنتهي ليل السبت- الأحد مهلة ال 60 يوماً التي حدّدها اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والعدو “الاسرائيلي”، لتنفيذ القوّات “الإسرائيلية” انسحابها من القرى الحدودية. في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال تمركزه في بعض المواقع، بعد أن انسحب من البعض الآخر، ليحلّ مكانه الجيش اللبناني الذي يستكمل عملية انتشاره في منطقة جنوب الليطاني.
وكان حزب الله أعلن أنّه في حال بقيت قوّات العدو ساعة واحدة بعد يوم الأحد، فسيكون له كلام آخر، ما يعني إمكان عودة التوتّر إلى الجنوب، من خلال إعادة استئناف المواجهات العسكرية بين الجانبين.
وإذ طلب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو من الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كتاب خطي أخيراً، تمديد مهلة الانسحاب من القرى الحدودية في جنوب لبنان، على ما أفادت المعلومات، لكي يكون قرار البقاء في جنوب لبنان، في حال جرى اتخاذه، مغطّى أميركياً، وتشير المعلومات الى أن هذا الطلب كان مفاجئاً للرئيس ترامب، الذي اشترط على نتنياهو إنهاء الحرب في الشرق الأوسط قبل وصوله إلى البيت الأبيض، والذي يرى بالتالي أنّه طلب صادم، سيما أنّه سبق وان وافقت “إسرائيل” على بنود هذا الاتفاق.
كما لأنّه يُناقض ما أعلنه ترامب عن أنّ “اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان سيبقى سائداً”، وأنّه سيبدأ ولايته الثانية بإنهاء الحروب في العالم. هذا الأمر الذي سبق وأن تحدّث عنه مهندس الاتفاق الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بأنّ “هذا الاتفاق وُقّع لكي يستمر لعقود”، أي ليس فقط لمهلة الـ 60 يوماً التي حدّدها لوقف الأعمال العدائية بين الجانبين، وللانسحاب “الإسرائيلي” الكامل من القرى الحدودية.
فماذا عن موقف لبنان الرسمي، بعد أن أصبح لديه رئيس للجمهورية؟ تقول مصادر سياسية مطّلعة إن الرئيس جوزاف عون الذي واكب اتفاق وقف إطلاق النار كقائد للجيش، مصرّ على استكمال “إسرائيل” انسحابها من لبنان ضمن المهلة المحدّدة في الاتفاق. وقد أجرى ولا يزال سلسلة اتصالات مع دول الخارج، لإرغام “إسرائيل” على الانسحاب ضمن مهلة الـ 60 يوماً، أي قبل الاثنين المقبل في 27 كانون الثاني الجاري، من دون أي تأخير أو تأجيل لأي سبب كان، تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وتلافياً لعودة المواجهات العسكرية جنوب لبنان، والتي قد تتطوّر إلى حرب واسعة لا يريدها لبنان، ولا أي من دول الخارج الداعمة له.
أمّا إذا قرّرت “إسرائيل” إبقاء قوّاتها في خمسة مواقع حدّدتها، نطراً الى أهميتها الاستراتيجية ولإطلالتها على المستوطنات الشمالية، على ما تقول المصادر، فإنّ ذلك يُشكّل نكسة، ليس لانطلاقة العهد فحسب، إنّما لكلّ الزخم الدولي الذي يأتي لدعم لبنان مستقبلاً على جميع الصعد.
وتوقّعت المصادر ألا يُصار إلى عرقلة هذا الزخم الدولي، سيما أن عدم انسحاب القوّات “الإسرائيلية” بالكامل من جنوب لبنان دونه تبعات عديدة، لا توافق عليها الولايات المتحدة الأميركية، بصفتها راعية اتفاق وقف إطلاق النار، ولا المجتمع الدولي الذي يدعم عودة الاستقرار إلى لبنان والمنطقة، وهي:
١- إن عدم الانسحاب الكامل للقوّات “الإسرائيلية” من القرى الحدودية يناقض جميع التعهّدات، التي قُدّمت للبنان خلال المفاوضات التي سبقت التوصّل الى الاتفاق.
٢ – إنّ بقاء القوّات في مواقع حدودية، يُبقي الوضع متوتّراً عند الحدود اللبنانية، ما قد يؤدّي إلى تجدّد الاشتباكات العسكرية، والتي قد تتطوّر مجدّداً إلى حرب واسعة.
٣- يحول دون تثبيت الأمن والسلم الدوليين من قبل قوّات “اليونيفيل” والجيش اللبناني، ولجنة المراقبة “الخماسية” المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف النار.
٤ – يؤخّر عملية إعادة إعمار الجنوب، التي تدعمها وستعمل على تمويلها الدول المانحة، وعودة أهالي الجنوب إلى بلداتهم وقراهم خلافاً لما ينصّ عليه الاتفاق.
٥ – لا يُشجّع بالتالي على عودة الشركات العالمية النفطية للاستثمار في البلوكات البحرية اللبنانية، كون عامل الاستقرار في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط هو المشجّع الأول لعودتها إلى لبنان.
من هنا، فإنّ أي قرار غير منطقي قد تتخذه “إسرائيل” سيضعها في مواجهة المجتمع الدولي الذي يدعم لبنان حالياً، بعد انتخاب رئيس جمهوريته، ويُشجّعه على تشكيل الحكومة الجديدة الإصلاحية سريعاً.
ولكن رغم جميع التطمينات عن تنفيذ “إسرائيل” انسحابها من القرى الحدودية ضمن المهلة المحدّدة، بفعل الضغط الدولي عليها، تبرز بعض التحديات التي قد تؤثّر في عدم تنفيذ اتفاق وقف النار، أو في تأخيره بعض الشيء، على ما تلفت المصادر، إذ ليس من ضمانات مؤكدة من قبل المجتمع الدولي، لا سيما عدم الثقة بوفاء “إسرائيل” بتعهّداتها، ووضعها بالتالي حقّها في الدفاع عن نفسها، وتحديداً عن أمن مستوطناتها الشمالية، كإحدى الذرائع التي تُقنع بها دول العالم، لكي تستمرّ في مخطّطاتها وخروقاتها المتمادية للاتفاقات والقرارات الدولية.
غير أنّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينصّ في الوقت نفسه، على حقّ لبنان في الدفاع عن نفسه، يُشكّل رادعاً لـ “إسرائيل”، عن اتخاذ قرار البقاء في بعض المواقع الحدودية الجنوبية، كون مثل هذا القرار سيُعرّض قواتها مجدّداً للمواجهات العسكرية بينها وبين الجيش اللبناني، الذي انتشر في المنطقة الجنوبية، وأعطاه اتفاق وقف النار مهمة حصر السلاح بيده، للحفاظ على الأمن وعلى السيادة اللبنانية.
كذلك، فإنّ المطلوب بعد تنفيذ الانسحاب “الإسرائيلي” الكامل من القرى الحدودية ، الذهاب إلى تثبيت الحدود البريّة بين لبنان و “إسرائيل”، على ما أشارت المصادر، تطبيقاً للقرار ١٧٠١، لإنهاء الصراع اللبناني – “الإسرائيلي”، ولانتفاء أي ذريعة من قبل العدو للإبقاء على الوضع غير مستقرّ في جنوب لبنان.