Site icon IMLebanon

أمن إسرائيل وأمان إيران

 

بعد مرور ستة شهور ونصف الشهر على فتح «حزب الله» جبهة الجنوب مساندة لفصائل غزة في المواجهة مع إسرائيل، يتأكد أنّ كل الدعوات الداخلية لوقف تنشيط هذه الجبهة، قد فشلت مهما كانت مبرراتها، من الاستناد إلى حق الدولة الحصري بإعلان الحرب أو السلم، مروراً بالخشية على سكان القرى والمدن الحدودية أرواحاً وممتلكات، وصولاً إلى تجنيب لبنان بكامله مخاطر حرب إسرائيلية شاملة سيجد نفسه وحيداً فيها وفي معالجة نتائجها…

 

ويتأكد أيضاً أنّ الجهود الدولية، الأميركية والفرنسية خصوصاً لا يمكنها التوصل إلى أي شيء لثلاثة أسباب متلازمة: الأول أنّ هاجس هذه الجهود هو كيفية ضمان أمن إسرائيل. الثاني، أنها تنتظر من «حزب الله» التخلي عن مبرر وجوده، وعن شعاراته التي تبرر هذا الوجود المسلح… والثالث أنّها تراهن على بقايا «سلطة رسمية» استسلمت منذ البداية أمام منطق وقف المشاغلة في الجنوب مقابل وقف الحرب في غزة.

 

النتيجة من كل ذلك أنّ طرفين يمسكان بمصير لبنان وجنوبه، إسرائيل التي تواصل استعداداتها وتهديداتها بحرب تزيل عنها مخاطر التهديد القادم من الشمال، وإيران التي تمسك بقرار الإشغال تمويلاً وتسليحاً وادارةً استراتيجية.

 

لذلك يُفهم كيف أنّ «حزب الله» لم يغيّر شيئاً في موقفه منذ 8 تشرين الأول. لم يهتم للأصوات الداخلية المغايرة ولا لبعض ما اجتهدت فيه «الحكومة» أو نقلته من اقتراحات للوسطاء بما في ذلك الورقة الفرنسية التي بلغت من العمر ثلاثة أشهر، ولا يتوقع أن يكون مصير ما حمله نجيب ميقاتي معه من باريس مختلفاً. ذلك أنّ التفاوض الفعلي يتم في مكان آخر ومع أطراف آخرين. بين أميركا وفي جعبتها إسرائيل، وبين إيران وفي جعبتها أحزابها وحشودها وأنصارها. وهذا التفاوض يدور حول أمرين: أمن إسرائيل وأمان النظام في إيران.

 

لقد زادت وتيرة التشاور بين واشنطن وطهران، قبل طوفان غزة وبعده وخصوصاً قبل وبعد الرد الإيراني على الضربة الإسرائيلية على قيادة الحرس الثوري في دمشق.

 

أجرت إيران اتصالاتها بالولايات المتحدة عبر مسقط وانقرة وسويسرا والعراق، وقبل أن ترد على مناورة إسرائيل في أفغانستان كان وزير خارجيتها عبد اللهيان قد حصل على تأشيرة دخول إلى بلاد «الشيطان الأكبر» ليحل ضيفاً مميزاً على قنوات CNN وNBC وغيرها من وسائل الإعلام الكبرى، ثم ليتسرب حديث عن أن الأيرواني رئيس بعثة إيران في الأمم المتحدة يقوم بدور بارز في المفاوضات الأميركية – الإيرانية.

 

مآلات الوضع في جنوبنا الصامد، في كل حال، لن تكون بعيدة عن نتائج ذلك التفاوض، ويجدر بالمرء أخذ فسحة للتأمل إن أُتيحَ له السبيل، وانتظار ماذا وكيف سيقرر من لا شأن لهم به، مصيره وشؤونه.