Site icon IMLebanon

بين “نورماندي” الأمس واليوم: 20 عاماً من البحث عن “أمن إسرائيل” والشرق الأوسط الجديد 

 

 

يقول الكاتب الفرنسي الشهير في كتاب “الانقلاب الكبير: من بغداد إلى بيروت”: إن “ما جرى في نورماندي (عام 2004) سرّع نهاية التحضيرات للقرار 1559 الذي حرّر في نهاية شهر تموز في بيت رفيق الحريري في سردينيا، بعدما أمّنت له قمة الدول العظمى الثماني التي عقدت في الولايات المتحدة دفعاً جديداً، وأصبح لبنان حجر الأساس للمصالحة الفرنسية – الأميركية”، فهل يحمل لقاء النورماندي في 6 حزيران 2024 جديداً للبنان؟

 

منذ 20 عاماً وقبل لقاء النورماندي بين الرئيسين الأميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك بحوالى السنة، بدأ التحضير للقرار 1559 بدفع فرنسي بشكل أساسي، وكان من ضمن أهدافه مصالحة الأميركيين بعد اختلاف كبير بين الطرفين بسبب اجتياح العراق، وكان للولايات المتحدة الأميركية يومذاك رغبة بإعطاء دفع لمشروعها “للشرق الأوسط الجديد”، وهو ما كشفه يومذاك مستشار جورج بوش لشمالي أفريقيا والشرق الأوسط إليوت أبرامز، الذي وجد بالقرار 1559 “فرصة للدفع بمحاور السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وعلى رأسها إبعاد سوريا عن إيران ودفعها الى إبرام اتفاق مع “إسرائيل”، لإحلال الاستقرار على الحدود المشتركة مع “اسرائيل”، وإقامة تحالف “اسرائيلي” – تركي يحكم المنطقة”.

 

لم ينجح القرار 1559 يومذاك بمنع التمديد لإميل لحود، ونجح اغتيال الرئيس رفيق الحريري في إخراج سوريا من لبنان، وفشلت حرب تموز في العام 2006 في سحق حزب الله وسلاحه وتغيير الشرق الأوسط ، الذي بشر به القرار 1559 وكونداليزا رايس، واستمر المشروع في العام 2011 من بوابة سوريا والحرب الكونية التي ضربتها، بغية إخراجها من المعادلة وقطع طرق إمداد السلاح من ايران الى لبنان، وبالتالي فإن كل ما يُحاك اميركياً كان لاجل “اسرائيل” وامنها ولا يزال.

 

اليوم يتكرر المشهد ولو بطريقة مختلفة ولاعبين جدد، ولكن لن يكون على طاولة “النورماندي” في 6 حزيران القرار 1559  بل القرار 1701، وملفات لبنان الرئاسية والاقتصادية، وربما محاولة تقريب وجهات النظر بين الاميركيين والفرنسيين بخصوص لبنان. علماً أن فرنسا عام 2004 ليست نفسها فرنسا 2024، والمنطقة ليست نفسها، وقوة “اسرائيل” ليست نفسها، وقوة قوى المقاومة ليست نفسها، دون إهمال دور المفاوضات الأميركية – الإيرانية أيضاً، والتقارب الإيراني – السعودي.

 

بما يعني لبنان، ترى مصادر سياسية متابعة أن زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان لم تكن لإنتاج أي جديد، بل زيارة تساعده على إعداد الملف اللبناني للرئيس الفرنسي ضمن جدول أعمال اللقاء مع جو بايدن، أما النتيجة فلن تكون بحسب المصادر سوى إمكانية إعداد أرضية للحل السياسي، لأنه قبل الحل العسكري في غزة ليس هناك ما يمكن التعويل عليه.

 

وتؤكد المصادر أن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً أيضاً بتحديد نتيجة لقاء “النورماندي” المقبل، فالبداية يجب أن تكون من غزة لا من لبنان، كاشفة أنه حتى اللحظة لم يُقدم لحركة حماس أي مقترح جديد أو عرض جديد لصفقة التبادل، وأن كل ما نُقل في هذا السياق كان كلاماً إعلامياً “اسرائيلياً” فقط.

 

إنما بحال بحث الملف اللبناني لمرحلة ما بعد الحرب، فحتماً لن تكون المقاربة شبيهة بتلك التي حصلت عام 2003 و2004، أي المرحلة التحضيرية للقرار 1559، ولكنها ستكون قريبة من حيث الأهداف المبنية على أمن “اسرائيل” لا أمن لبنان. مع العلم أن المقاربة الأميركية لهذا الملف تقول ان أمن “اسرائيل” قد يكون من امن لبنان هذه المرة، ولذلك قد يكون من المهم تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان ، من أجل تحقيق أمن عسكري ينعكس استقراراً في “اسرائيل”.