لن تحقق «بطولات» بنيامين نتنياهو أمن إسرائيل! فقتل 100.000 فلسطيني «وحده»، أو مع احتلال غزة بالكامل، لن يؤمّن أهداف الحرب؛ وهي استعادة أمن إسرائيل واستعادة ثقة الشعب الإسرائيلي بجيشه، والعودة الى ما قبل 7 أكتوبر! هذا، من دون البحث في حقوق الشعب الفلسطيني.
لا يختلف اثنان في إسرائيل على تحميل رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو مسؤولية 7 أكتوبر، ومسؤولية خسارة بالأرواح تصل الى حوالى 1.450 شخصاً بينهم 600 عسكري، مع سقوط حوالى 250 إسرائيلياً في الأسر عند حماس!
يُضاف الى ذلك، مشاكل الاقتصاد، و«التهجير القسري» لحوالى 400.000 إسرائيلي الى المهجر، وتهجير 100.000 من قرى ومستوطنات الشمال و70.000 من سكان غلاف غزة الى الداخل! بعيداً أيضاً عن المآسي التي تتكبّدها غزة وأهلها.
في غزة اليوم، ليس هناك الملك دافيد (داوود)، ولا الخصم هو غولياث. وليس نتنياهو هو «المخلص»! فحياة نتنياهو السياسية ستنتهي بانتهاء حكومته! وتبدأ معها متاعبه «القضائية»! إذ ستنتظره لجان تحقيق، ودعاوى فساد وغيرها، بالإضافة الى انقضاض خصومه في السياسة عليه غداة انتهاء الحرب!
ولمواجهة كل ذلك، يريد نتنياهو تحقيق نصر عسكري «كبير»! ويريد أن ينهي حياته السياسية بطلاً قومياً! مع أن الرجل ليس عسكرياً! فهو ليس مناحيم بيغين، ولا إسحاق شامير، ولا إسحاق رابين، ولا يهود باراك… وقراراته الميدانية تتخبط مع قياداته العسكرية!
غرق نتنياهو في وحول غزة في 6 أكتوبر وما قبل! غرق يوم لم يكن متنبّهاً لجهوزية حماس! ويوم لم يكن يعلم بمخططاتها! وكبّد شعبه مليارات الدولارات «العسكرية» مقابل حفنة من الدولارات! غرق في «كشتبان» بضعة كيلومترات مربعة! وعرّض عسكره الفائق التدريب لمقاومة شرسة، أرهقته جداً!
ومع ذلك، فهو يريد تحرير الأسرى! 130 أسيراً إسرائيلياً (من أصل 248 بالأساس) لدى حماس، بينهم حوالى 35 أسيراً يُعتقد أنهم توفوا. يريد تحريرهم ولا يريد وقف إطلاق النار!!! يعد بإطلاقهم ويعرقل التفاوض! فهل يتخذ نتنياهو بنفسه قرار إعدام الأسرى الإسرائيليين بالتخلّي عنهم؟!
يريد اقتحام رفح بأسرع وقت ممكن مدركاً حجم المجازر التي سيرتكبها خلال الاقتحام. وهو فشل في الحصول على تغطية سياسية دولية. لا بل رفض تطبيق قرار مجلس الأمن بوقف النار خلال شهر رمضان.
يريد دعم الرئيس الأميركي جو بايدن ولا يمانع في إحراجه في حملته الانتخابية. ومع ذلك بايدن يمده بالمال والسلاح والطائرات والذخيرة!
يريد دعم كل الأطراف في الداخل الإسرائيلي ولا ينجح باستيعاب معارضيه ولا المتظاهرين المطالبين باستقالته!
ومع ذلك، فهو يريد أن يخرج بطلاً! لا يمانع في إهراق دم 100.000 من أهل غزه و20.000 من أطفالها لاحتلال غزة بالكامل ولمحاولة قتل يحيى السنوار ومحمد الضيف! وهو، وإن شفى غليله، فهل يعني ذلك فعلاً تحقيق هدف الشعب الاسرائيلي وهو استعادة الأمن والعودة الى حياة «طبيعية»؟!
سيذهب نتنياهو وستبقى إسرائيل غير آمنة! فمن فلسطينيي الضفة الى عرب 48، الى لبنان، الى جيل غزة الذي سيكبر… كثيرة هي الأمور التي تجعل أمن إسرائيل بعيد المنال! ونتنياهو، الذي سيكون سيئ الذكر جداً للعرب، لن يكون يوماً بالنسبة للإسرائيليين لا وليام والاس ولا مايكل كولينز ولا سيمون بوليفار..!