Site icon IMLebanon

عصام سليمان لـ «اللواء»: الطائف لم يسقط وأي حديث عن تعديل الدستور قفز بالمجهول

 

 

اتفاق الطائف الذي أبرم برعاية سعودية في آب 1989 بعد سنوات قاسية من الحرب اللبنانية والذي اصبح دستور لبنان الجديد، رفضت بعض المنظومة السياسية اللبنانية تطبيقه والبعض الاخر اراد تفسيره وفقا لمصالحه الطائفية الضيقة،وها هو بعد 32 عاما لم يطبق بحذافيره، بل هناك من يطالب بإعادة تعديله من خلال عقد مؤتمر تأسيسي او غير ذلك من الاقتراحات.

 

 

رئيس المجلس الدستوري السابق الدكتور عصام سليمان تحدث

لـ«اللواء» عن هذا الموضوع فقال: «للاسف مع كل ازمة تنشأ في البلد نسمع الكثير من المطالبات بعقد مؤتمر تاسيسي لاعادة النظر في اتفاق الطائف، اي وضع نظام سياسي جديد، ولكن اؤكد ان الظروف غير ملائمة لعقد مثل هكذا مؤتمر وانه ليس من مبرر له، فاتفاق الطائف لم يسقط وفي الوقت نفسه لم يطبق لان الذين تعاقبوا على السلطة وتحديدا منذ العام 1992 الى اليوم لم يتقيضوا بنصوص الدستور، فالذي سقط ليس الدستور بل المنظومة السياسية التي حكمت البلد».

 

واعتبر سليمان ان الحديث عن تعديل الدستور او تغيير اتفاق الطائف ووضع نظام سياسي جديد وعقد مؤتمر تاسيسي او طرح الفيدرالية كحل، يعتبر هروبا من الواقع وقفزة في المجهول، واشار الى ان المؤتمر التأسيسي مكتوب له الفشل مسبقا، ومن شأنه ان ينتج عنه خلافات محتدمة واراء متباعدة وهو لن يخرج بنتيجة، بل ربما سيشكل خطرا على لبنان خاصة بعد ما نشهده من من عدم تفاهم الاطراف السياسية على تشكيل حكومة، وقبل ذلك لم تستطع ايضا هذه الاطراف ان تتفاهم على قانون للانتخابات يحقق تمثيل صحيح، فكيف لهذه القوى ان تتوافق على وضع نظام جديد للبنان؟

 

الخروج من الازمة هو بالعودة لتطبيق الدستور

 

وشدد الدكتور سليمان على ان الطريق للخروج من الازمة هو بالعودة الى تطبيق الدستور بنصه وروحيته، ويشير الى ان المادة 95 من دستور تقضي بالانتقال من دولة تتغلب فيها الطوائف على الدولة الى دولة مدنية تبقى فيها الطوائف ككيانات مذهبية طائفية ولكن مستوعبة من قبلها، ويشير الى ان الكثير من المفاهيم الدستورية تم تشويهها من خلال الممارسات التي سلكتها الطبقة الحاكمة، ويذكر بان المادة 95 ايضا تنص على انشاء الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية وعلى رأسها رئيس الجمهورية ومن اعضائها رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وشخصيات فكرية واجتماعية وان لا تكون طائفية وتوجهاتها وطنية وعابرة في طروحاتها للطوائف من اجل وضع خطط وبرامج تنفذ من قبل مجلسي النواب والوزراء للسير تدريجيا باتجاه الغاء الطائفية وقيام حكم مدني، ولكن ما حصل هو عدم احترام هذه المادة ولم يتم انشاء الهيئة الوطنية ولا الغاء الطائفية في القضاء والوظائف الامنية وفي الجيش والادارات العامة باستثناء وظائف الفئة الاولى حيث توزع فيها حسب المادة 95 الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تكريس اي وظيفة لأي طائفة ولكن في الواقع تم تكريس كل الوظائف بجميع فئاتها للطوائف خلافا للدستور، واصبح لكل طائفة مركز في السلك القضائي وتجذرت الطائفية وغلبت الدولة بدل من ان تقويها، ولم يتم استيعاب المواطنين الذين ظُلموا بسبب زعمائهم الذين كرسوا حقوق طوائفهم لمصالح حاشيتهم، واصبحت تثار حولهم الشبهات ويتهمون بالفساد، بينما ابناء الطائفة الذين يحكمون باسمهم يعانون اسوأ الاوضاع المعيشية.

 

اداء المسؤولين مسيء للبنان

 

ويلفت الدكتور سليمان الى ان اداء المسؤولين مسيء للبنان وبدا ذلك واضحا من خلال ما يعلنه عدد من المسؤولين الدوليين بعدم ثقتهم بالطبقة السياسية وهم يرفضون تقديم المساعدات لهم، وهذا الامر يعتبر بمثابة اهانة كبرى للدولة ويعرقل امكانية نهوضها.

 

 

ويشير سليمان الى انه بدلا من البحث عن كيفية تغيير النظام علينا ان نبحث عن كيفية تطهير السياسة من الفساد وتطبيق الدستور كما نص عليه اتفاق الطائف.

 

لضرورة حصول تغيير في الانتخابات المقبلة

 

وردا على سؤال شدد سليمان على ان المخول بمحاسبة المنظومة الفاسدة هو الشعب الذي يتحمل مسؤولية كبيرة وهو لم يحاسب مسؤوليه خلال السنوات الثلاثين الماضية بطريقة صحيحة، داعيا الى ضرورة حصول تغيير في الانتخابات المقبلة باعتبار ان الاكثرية الساحقة من الشعب اللبناني لديها مصلحة في التغيير، مشددا على اهمية ان تنظم هذه الاكثرية نفسها وتخوض الانتخابات على اساس برنامج واضح من اجل الاصلاح والعودة الى تطبيق الدستور كما هو.

 

ويرى الدكتور سليمان ان هناك بعض الثغرات الملتبسة بالدستور فبدل من العمل على ازالتها لتفعيل اداء المؤسسات الدستورية فقد فسرت المنظومة السياسية النصوص بما يخدم مصالحها، ويشير الى ضرورة اضافة وثيقة الى الدستور يحدد فيها مفهوم العيش المشترك والمشاركة في السلطة والديموقراطية الميثاقية.

 

مفهوم العيش المشترك بحاجة لتوضيح بوثيقة دستورية

 

واعتبر ان موضوع العيش المشترك ركن اساسي في النظام اللبناني وهو ميثاق بين اللبنانيين من اجل بناء دولة وهذا ما نصت عليه مقدمة الدستور، ويلفت الى ان من مارس السلطة بعد اتفاق الطائف فسر العيش المشترك في اطار تقسيم الحصص وتقاسم الدولة وتوزيعها في اطار المحافظة على هؤلاء الزعماء وهذا ما اوصل الدولة الى الحالة التي وصلنا اليها.

 

واشار الى ان مفهوم العيش المشترك بحاجة لتوضيح بوثيقة دستورية لان الطوائف بلبنان يجب ان تشارك في السلطة من اجل بناء دولة لتحقيق اهداف هذا العيش وليس من اجل ان يأخذ كل زعيم حصته.

 

وحول امكانية طلب مساعدة دولية يشدد سليمان على وجوب عدم التعويل على الرعاية الدولية لان لدى كل دولة استرتيجية تخدم مصالحها، ولفت الى ضرورة ان تصدر المبادرة عن اللبنانيين وعدم انتظار ان يأتي الحل من الخارج خصوصا ان هناك موازين قوى دولية متحكمة بالوضع في المنطقة.

 

مجلس الوزراء يجب ان يكون مؤسسة

 

واعلن ان لديه اقتراحات تهدف لضبط اداء السلطة وليس تغيير النظام، واسف الى ان مجلس الوزراء لم يتحول الى مؤسسة قائمة بذاتها كما نص اتفاق الطائف وعلى وجوب ان يكون له مقر خاص وجهاز اداري خاص رغم تطبيق هذا الامر لفترةمحدودة في عهد الرئيس اميل لحود، وانتقد الطريقة التي يتم فيها اليوم تشكيل الحكومة والتي تتعارض مع منطق ما نص عليه الدستورالذي يشير الى ان على الرئيس المكلف الاجتماع مع رئيس الجمهورية وان يبحثا في الظروف التي تتشكل فيها الحكومة لا سيما اننا نمر في ظروف صعبة جدا من كل النواحي والبلد يحتاج الى وزراء اكفاء من كل الطوائف ويتمتعون بخبرة ولديهم قدرة على اتخاذ القرارات ولا يكفي ان يكونوا اختصاصيين ولديهم شهادات.

 

 

وختم بالتأكيد على ان الدستور نص على ان نظامنا هو ديموقراطي برلماني قائم على المشاركة في السلطة في بعدها الوطني والطائفي، ولكن للاسف اصبح هذا النظام يحكمه عدد من رؤساء العشائر اسمها طوائف تحكمها المحاصصات فيما بينها والديمقراطية البرلمانية براء من تصرفات المسؤولين.