الفرز السياسي بين ٨ و١٤ آذار بدأ يتراجع لمصلحة التوزع الطائفي والمذهبي لهذه القوى، على أبواب الانتخابات البلدية، المهددة بانتاج بلديات فاقدة للميثاقية، خصوصاً في المدن الكبرى وتخصيصاً في بيروت…
واذا كان التجاذب المذهبي بين الأطراف الاسلامية محكوما بضوابط حوار عين التينة بين تيار المستقبل وحزب الله، ما يبعد الشارع عن مسرح الحرب السورية، أو الحروب الاقليمية، فإن أزمة جهاز أمن الدولة، استنفرت الغرائز الطائفية، كما تقول أوساط التيار الوطني الحر، والتي ترى في ذلك مدخلاً لتصعيد الضغط على حركة أمل، تصفية للحسابات الرئاسية…
على أن هذا التصعيد لم يخدم الاستحقاق الرئاسي، انما زاد أيضاً في عرقلة قانون الانتخابات النيابية، وعزز الانقسام في مجلس الوزراء، ومدد الشلل لمجلس النواب، ويكاد يعطل امكانية عقد جلسة تشريعية يلحّ عليها رئيس المجلس.
الرئيس تمام سلام حسم الجدل حول عقد جلسة لمجلس الوزراء، لمتابعة البحث في سحب فتيل جهاز أمن الدولة من تحت طاولة مجلس الوزراء، ما عزز الأمل باحتمال تجاوز هذا اللغم، لكن الوزير بطرس حرب أوحى باستبعاد انعقاد هذه الجلسة، ما خيّب الأمل المعقود، وأعاد عقارب ساعة التفاؤل العابر الى الصفر…
في الأمثال حتى ولو أطفئت النار تبقى ثمة شرارة في مكان ما… فالتيار الوطني الحر يلوح باحتمال أن يزعزع جهاز أمن الدولة أمن حكومة المصلحة الوطنية، التي يفترض أن تجتمع غداً الثلاثاء لتأخذ جرعة تسكن أوجاعها المتصلة بهذا الجهاز الأمني، الى ما بعد عودة الرئيس سلام من اسطنبول، حيث سيشارك بأعمال مؤتمر القمة الاسلامي، ويلتقي خادم الحرمين الشريفين، بينما يشارك وزير الخارجية جبران باسيل باجتماع وزراء خارجية الدول الاسلامية مرة أخرى، مصحوباً هذه المرة، بموقف حكومي واضح الالتزام بالموقف العربي الذي ستتبناه المجموعة العربية المشاركة بالمؤتمر.
وتقول أوساط مطلعة، إن فرصة جديدة حصلت عليها حكومة سلام لتصحيح اخطاء اجتماع الوزراء العرب ووزراء خارجية الدول الاسلامية، يؤمل أن تحسن الاستفادة منها، والا فان ردود الفعل العربية قد تكون أسوأ مما كانت عليه في أي وقت، وتحذر بعض الأوساط من أي كلام معسول قد يقال، باطنه الخبث، وتراهن على دراية الرئيس سلام بما يجب ان يفعله ان لم يعجبه مسار الأمور… فدقّ الدولة محشور والنائب نوار الساحلي يرى ان الأمور تمشي باتجاه المزيد من شدّ الخناق على حزب الله، وأضاف في تصريح مقتضب بعد اجتماع لفرعية لجنة الادارة والعدل، ان حزبه يواجه حرباً مفتوحة، انطلاقاً من وسمه بالارهاب، ويذهب النائب الكتائبي ايلي ماروني الى حدّ القول إننا نعيش أزمة شراكة وطنية حقيقية.
لكن حتى لو كان شيء من هذا صحيحاً، كيف السبيل لاخفائه عن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ضيف لبنان الكبير نهاية هذا الأسبوع؟
البعض يعتقد ان هولاند سيكون مشغولاً في بيروت بأمرين اثنين: الاستحقاق الرئاسي اللبناني والنازحون السوريون، وقد لا يأبه لأية أمور أخرى…
بالنسبة للاستحقاق الرئاسي، يرى الوزير السابق كريم بقرادوني ان هولاند أجرى اتصالاً مباشرا بالنائب سليمان فرنجيه فور تسميته مرشحاً من جانب الرئيس سعد الحريري، بينما كان عليه ان لا يفعل، قبل ان يصبح فرنجيه رئيساً فعلياً، أو على الأقل رئيساً منتخباً.
وفي الموضوع عينه لاحظ ان أحداً لم يسأل العماد ميشال عون عن مشروعه الرئاسي، ويعرض عليه تبنيه في حال وافق على الانسحاب من اللعبة الرئاسية، وهو ما بدا بقرادوني انه واثق من تجاوب الجنرال معه…
أما الأساس في الزيارة الرئاسية الفرنسية، فتقول أوساط ٨ آذار، انه ليس بعيداً عن أهداف زيارة بان كي مون، أي لتوفير الاقامة للاجئين السوريين، منعاً لهجرتهم باتجاه الغرب…
وبمعزل عن الاستنتاجات المسبقة، علينا ان ننتظر لنرى أولوية الزائر الفرنسي، للصداقة أم للمصالح؟!