السؤال الكبير أمام القمة الاسلامية في اسطنبول هو: هل استقرت منظمة التعاون الاسلامي التي تضم ٥٧ دولة على دور استراتيجي لها؟ ما الذي حققته النواة الأولى للمنظمة التي وُلدت عام ١٩٦٩ رداً على إحراق المسجد الأقصى؟ وما الذي تستطيع أن تفعله منظمة التعاون في مواجهة التطرف والارهاب باسم تأويلات خطرة للفقه الاسلامي؟
في البدء كان الفارق بين الحماسة والفعل. ولعلنا في حاجة الى رؤية أنفسنا في عيون رجل عرفنا أكثر من أي روسي هو الصحافي ورئيس الاستخبارات ووزير الخارجية ورئيس الحكومة يفغيني بريماكوف. اذ اعتبر في مذكراته تحت عنوان في قلب السلطة أن المشكلة الأعظم لدى العرب هي العجز عن التمييز بين الوهم والواقع. وليس من تقاليد القمم العربية والقمم الاسلامية، حتى الطارئة، التركيز على موضوع كبير وملحّ واحد كما تفعل القمم الأوروبية التي تتكاثر مواعيد جلساتها الى أن يتم الوصول الى علاج جدي للمشكلة.
ذلك أن أخطر التحديات أمام القمة الاسلامية اليوم والقمة العربية المؤجلة الى الصيف هو الارهاب. ومواجهة التحدي تتطلب أولاً البحث العميق في جذور المشكلة وأسبابها لاستخدام الأسلحة المناسبة في كل جبهات الحرب: العسكرية، الأمنية، السياسية، والفكرية. فلا الارهاب هو مجرد الأعمال الوحشية التي يقوم بها المتطرفون. ولا هو غاية بل جزء من استراتيجية حرب شاملة، وبالطبع تعبير عن سياسة، كما يقول البروفسور دانيال بايمان مؤلف كتاب القاعدة، الدولة الاسلامية، والحركة الجهادية الكونية.
وليس باعلان انشائي يسجل النقاط التي تهم كل دولة ويتجنب إغضاب أي عضو يمكن الحديث عن نجاح القمة. فالمشكلة أمس واليوم اسمها القاعدة وداعش، وغداً ستكون لها أسماء أخرى. ومجابهة المشكلة تتطلب من الدول الاسلامية بشكل خاص، ما هو أبعد من مجرد القول إن الاسلام منها براء. والفارق كبير بين القول إن دولة الخلافة التي أعلنها أبو بكر البغدادي تفتقد الي الشرائط الشرعية لاعلان الخلافة وبين الجرأة على القول أن متطلبات الدولة الحديثة في عصرنا تتجاوز موضوع الخلافة أو حتى على تأكيد ما قاله الشيخ علي عبد الرازق في كتاب الاسلام وأصول الحكم قبل قرن تقريباً.
والواقع أن منظمة التعاون الاسلامي، بصرف النظر عن أهمية الرهانات عليها، لا تزال في حاجة الى التوافق على دور استراتيجي لها، وسط ما قال الرئيس فلاديمير بوتين انها حقيقة الحياة، وهي أن القوة العسكرية ستكون أداة للسياسة في حماية المصالح الوطنية ضمن الصراع الجيوسياسي.
والسؤال تكراراً هو: هل تصبح الاهتمامات في مستوى المخاطر؟