IMLebanon

قمة اسطنبول جمعت المسلمين وعزلت إيران

كان التعليق الانفعالي على نتائج أعمال قمة المؤتمر الإسلامي التي اختتمت أمس في اسطنبول، الذي أدلى به مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون القانونية والدولية عباس عراقجي وقال فيه إن منظمة التعاون الإسلامي «ستندم على مواقفها التي اتخذتها ضد إيران وحزب الله»، كافياً لقراءة البيان الختامي الصادر عن هذا المؤتمر، كما للمناخات التي بدأت تسود في العالم الإسلامي عامة بعد تمادي إيران في تدخلاتها في الشؤون العربية الداخلية.

وإذا كانت إدانة إيران الصريحة في بيان اسطنبول جاءت نسخة طبق الأصل عن بيان مؤتمر جدّة الإسلامي، إلا أن الجديد فيها أنها صدرت عن قادة العالم الإسلامي على مستوى القمة وبحضور إيران نفسها التي كانت غائبة عن مؤتمر جدّة. ولم تتمكن الديبلوماسية الإيرانية التي نشطت خلال الاجتماعين التمهيديين للقمة اللذين عقدا على مستوى كبار المندوبين ومن ثم وزراء الخارجية من إحداث أي خرق في الموقف الإسلامي الجامع ضد سلوكها في المنطقة، حتى على صعيد لبنان الذي تلقّى أحد ديبلوماسييه أكثر من طلب إيراني مباشر من أجل «النأي بالنفس» على الأقل إزاء إدانة إيران، كما فعل في مؤتمر جدّة، إلا أن لبنان الذي ترأس وفده إلى القمة رئيس الحكومة تمام سلام وقف إلى جانب الإجماع العربي الذي لم يخرقه هذه المرة لا موقف عراقي من هنا أو جزائري من هناك.

ومعنى ذلك أن الديبلوماسية السعودية نجحت في تثبيت زعامتها للعالم الإسلامي في هذه القمة، وفي استقطاب كل المواقف العربية والإسلامية إلى جانبها وإلى جانب موقف مجلس التعاون الخليجي، بحيث تمكّنت من محاصرة إيران بتأييد 56 دولة عربية وإسلامية من أصل 57.

وخلاصة القول إن قمة اسطنبول شكّلت مناسبة للمملكة العربية السعودية لتوجّه رسالة هي الأقوى ضد إيران من جميع مسلمي العالم، في خطوة عكست إجماعاً إسلامياً ضد الجمهورية الإسلامية في إيران. أحرج فأخرج رئيسها حسن روحاني منسحباً من القمة قبل تلاوة البيان الختامي.

وفي مقابل جمع كلمة العرب والمسلمين ضد طهران شكّلت قمة اسطنبول خيمة لإعادة وصل ما انقطع بين مجموعة من أعضاء المنظمة، فجَمَعت مثلاً الجانبين التركي والمصري تحت سقف واحد رغم حجم الهوة القائمة بينهما منذ فترة، ورغم أنها اقتصرت على مجرد «فتح الباب» أمام إعادة المياه إلى مجاريها بين الطرفين من دون أن تُحدث خرقاً معتبراً.

كما أن هذه القمة شكّلت فرصة للبنان، ولرئيس حكومته تحديداً، جَمَعته مع القادة الخليجيين والعرب تحت سقف واحد وموقف واحد أيضاً، فكانت مناسبة لـ»مصافحة ودية» بينه وبين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في لقاء هو الأول منذ بدء الأزمة الخليجية اللبنانية إثر مؤتمري القاهرة وجدّة.

كما جَمَعت هذه القمة رئيس الحكومة اللبنانية مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني في لقاء هو الأول أيضاً بينهما منذ توتر العلاقات الخليجية اللبنانية.

أما في المقابل، فإن الوفد الإيراني لم يشعر بعزلة على مستوى المواقف الصادرة عن القمة وحسب، وإنما لم يتمكّن أيضاً من الحصول على موعد واحد مع أي مسؤول عربي مشارك في القمة.

ومعنى ذلك أن مشهدية عربية وإسلامية جديدة برزت على خط الزلازل السائد في المنطقة، وأن العرب، وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية، الذين نجحوا بداية في توحيد الموقف الخليجي ضد إيران، ومن ثم الموقف العربي، فرضوا الآن حصاراً إسلامياً شاملاً على طهران بحيث أصبح ما بعد قمة اسطنبول غير ما قبلها، فكم بالحري ما بعد بعد مفاوضات اليمن في الكويت مطلع الأسبوع المقبل في حال نجاحها وعودة اليمن إلى كنف الشرعية اليمنية والعربية والدولية؟

سؤال تجيب عنه النتائج العتيدة للاجتماعات اليمنية في الكويت التي لا شك أن نتائج قمة اسطنبول أعطتها دفعاً مسبقاً لا بد أن تظهر تداعياته في الأيام القليلة المقبلة.